التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤٢
وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ
٤٣
-العنكبوت

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الله } على اضمار القول اى قل للكفرة تهديدا ان الله { يعلم مايدعون } يعبدون وما استفهامية منصوبة بيدعون ويعلم معلق عنها { من دونه } اى من دون الله { من شىء } من للتبيين اى سواء كان مايدعون صنما او نجما او ملكا او جنيا او غيره لايخفى عليه ذلك فهو يجازيهم على كفرهم { وهو العزيز } الغالب القادر على انتقام اعدائه { الحكيم } ذو الحكمة فى ترك المعاجلة بالعقوبة. ولما كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون ان رب محمد لايستحيى ان يضرب مثلا بالذباب والبعوضة والعنكبوت ويضحكون من ذلك قال تعالى { وتلك الامثال } اى هذا المثل وامثاله والمثل كلام سائر يتضمن تشبيه الآخر بالاول اى تشبيه حال الثانى بالاول { نضربها للناس } نذكرها ونبينها لاهل مكة وغيرهم تقريبا لما بعد عن افهامهم. قال فى المفردات ضرب المثل هو من ضرب الدرهم اعتبارا بضربه بالمطرقة وهو ذكر شىء اثره يظهر فىغيره { وما يعقلها } اى وما يفهم حسن تلك الامثال وفائدتها { الا العالمون } اى الراسخون فى العلم المتدبرون فى الاشياء على ماينبغى وهم الذين عقلوا عن الله اى ما صدر عنه فعملوا بطاعته واجتنبوا سخطه والعالم على الحقيقة من حجزه علمه عن المعاصى فالعاصى جاهل وان كان عالما صورة. فان قيل لم لم يقل ومايعلمها الا العاقلون والعقل يسبق العلم. قلنا لان العقل آلة تدرك بها معانى الاشياء بالتأمل فيها ولا يمكن التأمل فيها والوصول اليها بطريقها الا بالعلم. ودلت الآية على فضل العلم على العقل ولا عالم منا الا وهو عاقل فاما العاقل فقد يكون غير عالم. قال الامام الراغب فى المفردات العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذى يستفيده الانسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه اقول

العقل عقلان فمبطوع ومسموع
ولاينفع مطبوع اذا لم يك مسموع
كما لاتنفع الشمس وضوء العين ممنوع

والى الاول اشار عليه السلام بقوله "ماخلق الله خلقا اكرم عليه من العقل" والى الثانى اشار بقوله "ماكسب احد شيئا افضل من عقل يهديه الى هدى ويرده عن ردى" وهذا العقل هو المعنى بقوله { وما يعقلها الا العالمون } وكل موضع ذم فيه الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثانى دون الاول وكل موضع رفع فيه التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول انتهى: وفى المثنوى

عقل دو عقلست اول مكسبى كه در آموزى جودر مكتب صبى
از كتاب واوستاد وفكر وذكر از علوم واز معانى خوب وبكر
عقل تو افزون شود برديكران ليك توباشى ز حفظ آن كران
لوح حافظ باشى اندر دور وكشت لو محفوظ اوست كوزين در كذشت
عقل ديكر بخشش يزدان بود جشمه آن درميان جان بود
جون زسينه آب دانش جوش كرد نى شود كنده نى ديرينه نى زرد
ورره نبعش بود بسته جه غم كو همى جوشد زخانه دمبدم
عقل تحصيلى مثال جويها كان رود درخانه از كويها
راه آبش بسته شد شد بى نوا ازدرون خويشتن جون جشمه را
جهد كن تابين عقل ودين شوى تاجو عقل كل توباطن بين شوى