التفاسير

< >
عرض

إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٢٢
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذ همت } بدل من اذ غدوت مبين لما هو المقصود بالتذكير. والهم تعلق الخاطر بماله قدر { طائفتان منكم } ايها المؤمنون وهما بنوا سلمة من الخزرج وبنوا حارثة من الاوس { ان تفشلا } اى بان تجبنا وتضعفا وترجعا لظنهما الصواب فيه. والفشل الضعف والظاهر ان همهما ليس بمعنى العزم والقصد المصمم وانما هو خطرات وحديث نفس كما لا تخلو النفس عند الشدائد من بعض الهلع ثم يردها صاحبها الى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه { والله وليهما } اى عاصمهما من اتباع تلك الخطرات والجملة اعتراض { وعلى الله } وحده دون ما عداه مطلقا استقلالا واشتراكا { فليتوكل المؤمنون } فى جميع امورهم فانه حسبهم وفيه اشعار بان وصف الايمان من دواعى التوكل وموجباته والتوكل الاعتماد على الغير واظهار العجز.
قال الامام وفى الآية اشارة الى انه ينبغى ان يدفع الانسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله وان يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل.
قال سهل بن عبد الله التسترى جملة العلوم ادنى باب من التعبد وجملة التعبد ادنى باب من الورع وجملة الورع ادنى باب من الزهد وجملة الزهد ادنى باب من التوكل.
وقال ايضا علامة المتوكل ثلاث لا يسأل ولا يرد ولا يحبس.
وكان ابراهيم الخواصرحمه الله مجردا فى التوكل وكان لا يفارقه ابرة وخيوط وركوة ومقراض فقيل له يا ابا اسحق لم تحمل هذا وانت ممتنع من كل شىء فقال مثل هذا لا ينقص التوكل لان لله علينا فرائض والفقير لا يكون عليه غير ثوب واحد فربما يتمزق ثوبه فاذا لم يكن معه ابرة وخيوط تبدو عورته فتفسد عليه صلاته.
قال ابو حمزة الخراسانى حججت سنة من السنين فبينما انا امشى فى الطريق اذ وقعت فى بئر فنازعتنى نفسى ان استغيث فقلت لا والله لا استغيث فما استتممت هذا الخاطر حتى مر برأس البئر رجلان فقال احدهما للآخر تعالى حتى نسدّ رأس هذه البئر لئلا يقع فيها احد فاتوا بقصب وطمسوا البئر فهممت ان اصيح ثم قلت فى نفسى اشكو الى من هو اقرب منهما فسكت فبينما انا بعد ساعة اذا انا بشىء قد جاء وكشف عن رأس البئر وادخل رجله وكأنه يقول لى تعلق بى فى هينمة له كنت اعرف ذلك منها فتعلقت به فاخرجنى فاذا هو سبع فمر وهتف بى هاتف يا ابا حمزة أليس هذا احسن نجيناك من التلف بالتلف فمشيت.
قال بعضهم من وقع فى ميدان التفويض يزف اليه المراد كما تزف العروس الى اهلها.
ولما زج بابراهيم عليه السلام فى المنجنيق واتاه جبريل فقال ألك حاجة قال اما اليك فلا واما الى الله فبلى قال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالى وقد قال نبينا عليه السلام
"يقول الله تعالى فمن شغله ذكرى عن مسألتى اعطيته افضل ما اعطى السائلين"
. فعلى السالك ان يتوكل على الله ويفوض امره اليه فان كل ما قضى وقدر لا يرد البتة وان تعدت نفسك فى ذلك

قضا كشتى آنجا كه خواهد برد وكرنا خدا جامه برتن درد

يكفيك علم الله بحالك فاقطع نظرك عن الاسباب والفتح ليس الا من مفتح الابواب

مكن سعديا ديده بردست كس كه بخشنده بروردكارست وبس
اكر حق برستى زدرها بسست كه كروى بداند نخواند كسست