التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٥٥
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذ قال الله } اى اذكر وقت قول الله { يا عيسى انى متوفيك } اى مستوفى اجلك ومعناه انى عاصمك من ان يقتلك الكفار ومؤخرك الى اجل كتبته لك ومميتك ختف انفك لا قتلا بايديهم { ورافعك } الآن { الى } اى الى محل كرامتى ومقر ملائكتى وجعل ذلك رفعا اليه للتعظيم ومثله قوله { إنى ذاهب إلى ربى } [الصافات: 99].
وانما ذهب ابراهيم عليه السلام من العراق الى الشام وقد يسمى الحاج زوار الله والمجاورون جيران الله وكل ذلك للتفخيم فانه تعالى يمتنع كونه فى المكان { ومطهرك } اى مبعدك ومنحيك { من الذين كفروا } اى من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم.
قيل سينزل عيسى عليه السلام من السماء على عهد الدجال حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله احد ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الاسلام ويقتل الدجال ويتزوج بعد قتله امرأة من العرب وتلد منه ثم يموت هو بعد ما يعيش اربعين سنة من نزوله فيصلى عليه المسلمون لانه سأل ربه ان يجعله من هذه الامة فاستجاب الله دعاءه { وجاعل الذين اتبعوك } وهم المسلمون لانهم متبعوه فى اصل الاسلام وان اختلف الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى { فوق الذين كفروا } وهم الذين مكروا به عليه السلام ومن يسير بسيرتهم من اليهود فان اهل الإسلام فوقه ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة { الى يوم القيامة } غاية للجعل لا على معنى ان الجعل ينتهى حينئذ ويتخلص الكفرة من الذلة بل على معنى ان المسلمين يعلونهم الى تلك الغاية فاما بعدها فيفعل الله تعالى بهم ما يريد { ثم الى مرجعكم } اى رجوعكم بالبعث والضمير لعيسى عليه السلام وغيره من المتبعين له والكافرين له على تغليب المخاطب على الغائب فى ضمن الالتفات فانه ابلغ فى التبشير والانذار { فاحكم بينكم } يومئذ اثر رجوعكم الى { فيما كنتم فيه تختلفون } من امور الدين.