التفاسير

< >
عرض

بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
٧٦
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ بلى } اثبات لما نفوه اى بلى عليهم فى الاميين سبيل { من اوفى بعهده } الضمير راجع الى من اى من أتم بعهد الوافى أو بعهد الله الذى عهده اليهم فى التوراة واخذ ميثاقهم عليه من الايمان بمحمد واداء الامانة { واتقى } اى الشرك والخيانة وجواب الشرط وهو من قوله { فان الله يحب المتقين } عن الغدر والخيانة ونقض العهد اى فان الله يحبه فقام عموم المتقين مقام الضمير الراجع من الجزاء الى من يعنى التقوى تعم وفاء ما عاهدوا الله عليه من الايمان بمحمد عليه السلام وبما جاء به مما يتعلق بتكميل القوة النظرية والعملية.
ودلت الاية على تعظيم امر الوفاء بالعهد وذلك لان الطاعات مقصورة علىامرين التعظيم لامر الله تعالى والشفقة على خلق الله فالوفاء بالعهد مشتمل عليهما معا اذ ذلك سبب لمنفعة الخلق فهو شفقة على خلق الله ولما امر الله به كان الوفاء به تعظيما لامر الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"اربع من كن فيه منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها اذا ائتمن" اى جعل امينا ووضع عنده امانه "خان واذا حدث كذب واذا عاهد غدر" .
اى ترك الوفاء "واذا خاصم فجر" اى مال عن الحق. قال صاحب التحفة وليس الغرض ان آية المنافق محصورة فيها بل كل من ابطن خلاف ما اظهر فهو من المنافقين فصدور العدد من خَير الانام يكون باعتبار اقتضاء المقام والوفاء بالعهد كما يمكن ان يكون فى حق الغير يمكن ايضا فى حق النفس لان الوافى بعهد النفس هو الآتى بالطاعات والتارك للمحرمات لانه عند ذلك تفوز النفس بالثواب وتبعد عن العقاب.
فعلى العاقل ان يوفى بعهده فى السراء والضراء ويجتهد فى محافظته - حكى - ان شابا عقد مع الله عقدا ان لا ينظر الى شىء من مستحسنات الدنيا فمر يوما بسوق فراى منطقة مرصعة بالدر والجوهر فنظر اليها فاعجبته ثم مضى عنها وقد نظر اليه صاحبها فلما ذهب عنه افتقدها فلم يجدها فوثب مسرعا حتى تعلق بالشاب وقال يا عيار انت سارق منطقتى فحمله الى السلطان فلما نظر اليه قال ليس هذا من اهل السرقات فقال بل هو سارق منطقتى وصفتها كيت كيت فامر بتفتيشه فوجدوها على وسطه فقال له السلطان يا فتى أما تستحى تلبس لباس الاخيار وتعمل عمل الفجار فنظر الفتى الى المنطقة فقال مولاى الاقالة الاقالة الهى لا اعود الى مثلها فأمر السلطان ان يضرب فجر ليضربوه فاذاهم بصوت يسمع ولا يرىيقول دعوه ولا تضربوه انما اردنا تأديبه فوثب السلطان الى الفتى وقبله بين عينيه ثم قال اخبرنى عن قصتك فاخبره فتعجب من ذلك ثم قرأ
{ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا } [البقرة: 177].
فقال صاحب المنطقة سالتك باله ألا ما قبلتها منى واجعلنى فى حل فقال اليك عنى ليس هذا من صنعتك انما الصنع لصاحب الصنع ولا مؤثر فى الوجود غير الحق وليس فى الدار غيره ديار

جه خوش كفت بهلول فرخنده خوى جو بكذشت بر عارفى جنك جوى
كر اين مدعى دوست بشناختى به بيكار دشمن نبرداختى
كر از هستىء حق خبر داشتى همه خلق را نيست بنداشتى

فاذا وقفت على هذاالخبر فقم فى تربية نفسك الى ان تصل الى الهوية المطلقة مميطا لثام الاثنينية مشاهدا وجود الحق فى كل شىء رزقنا الله واياكم مشاهدته.