التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ومن آياته } الدالة على البعث وما بعده من الجزاء { ان خلق لكم } اى لاجلكم { من انفسكم } [ازتن شما] { ازواجا } [زنان وجفتان] فان خلق اصل ازواجكم حواء من ضلع آدم متضمن لخلقهن من انفسكم والازواج جمع زوج وهو الفرد المزاوج لصاحبه وكل واحد من القرينين من الذكر والانثى وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات كما فى المفردات ويجوز ان يكون معنى من انفسكم من جنسكم لا من جنس آخر وهو الاوفق بقوله { لتسكنوا اليها } اى لتميلوا الى تلك الازواج وتألفوا بها فان المجانسة من دواعى التضام والتعارف كما ان المخالفة من اسباب التفرق والتنافر.

بجنس خود كند هرجنس آهنك ندارد هيجكس ازجنس خود ننك
بجنس خويش دارد ميل هرجنس فرشته بافرشته انس باانس

يقول الفقير ذهب العلماء من الفقهاء وغيرهم الى جواز المناكحة والعلوق بين الجن والانس فقد جعل الله ازواجا من غير الجنس والجواب ان ذلك من النوادر فلا يعتبر وليس السكون الى الجنية كالسكون الى الانسية وان كانت متمثلة فى صورة الانس { وجعل بينكم } وبين ازواجكم من غير ان يكون بينكم سابقة معرفة او رابطة قرابة ورحم { مودة } محبة { ورحمة } شفقة.
وعن الحسن البصرى المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كما قال تعالى
{ { ورحمة منا } اى فى حق عيسى عليه السلام.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما المودة للكبير والرحمة للصغير { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من خلقهم من تراب وخلق ازواجهم من انفسهم والقاء المودة والرحمة بينهم { لآيات } عظيمة { لقوم يتفكرون } فى صنعه وفعله فيعلمون ما فى ذلك من الحكم والمصالح.
قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله { يتفكرون } لان الفكر يؤدى الى الوقوف على المعانى المذكورة.
يقول الفقير لعل الوجه فى الختم به ان ادراك ماذكر ليس مما يختص بخواص اهل التفكر وهم العلماء بل يدركه من له ادنى شىء من التفكر. والتفكر دون التذكر ولذا لم يذكر التذكر فى القرآن الا مع اولى الباب.
وفى الآية اشارة الى ازدواج الروح والنفس فانه تعالى خلق النفس من الروح وجعلها زوجه كما خلق حواء من آدم وجعلها زوجة لتسكن الارواح الى النفوس كما سكن آدم الى حواء ولو لم تكن حواء لاستوحش آدم فى الجنة كذلك الروح لو لم تكن النفس خلقت منه ليسكن اليها استوحش من القالب ولم يسكن فيه وجعل بين الروح والنفس الفة واستئناسا ليسكنا فى القالب ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون بالكفر السليم فى الانسان كيف اودع الله فيه سرا من المعرفة التى كل المخلوقات كانت فى الخليقة تبعا له كذا فى التأويلات النجمية.