التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولئن أرسلنا ريحا فرأوه } اللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط والريح ريح العذاب كالدبور ونحوها والفاء فصيحة والضمير المنصوب راجع الى اثر الرحمة المدلول عليه بالآثار دلالة الجمع على واحدة او النبات المعبر عنه بالآثار فانه اسم جنس يعم القليل والكثير. والمعنى وبالله لئن ارسلنا ريحا مضرة حارة او باردة فافسدت زرع الكفارة فرأوه { مصفرا } من تأثير الريح اى قد اصفر بعد خضرته وقرب من الجفاف والهلاك. والاصفرار بالفارسية [زرد شدن] والصفرة لون من الالوان التى بين السواد والبياض وهو الى البياض اقرب { لظلوا } اللام لام جواب القسم الساد مسد الجوابين ولذلك فسر الماضى بالاستقبال اى يظلون وظل بالفتح اصله العمل بالنهار ويستعمل فى موضع صار كما فى هذا المقام. والمعنى الفارسية [هرآينه باشند] { من بعده } اى بعد اصفرار الزرع والنبت { يكفرون } من غير توقف وتاخير يعنى ان الكفار لا اعتماد لهم على ربهم فان اصابهم خير وخصب لم يشكروا الله ولم يطيعوه وافرطوا فى الاستبشار وان نالهم ادنى شئ يكرهونه جزعوا ولم يصبروا وكفروا سالف النعم ولم يلتجئوا اليه بالاستغفار وليس كذلك حال المؤمن فانه يشكر عند النعمة ويصبر عند المحنة ولا ييأس من روح الله ويلتجئ اليه بالطاعة والاستغفار ليستجلب الرحمة فى الليل والنهار: وفى المثنوى

جون فرود آيد بلا بى دافعى جون نباشد ازتضرع شافعى
جز خضوع وبندكى واضطرار اندرين حضرت ندارد اعتبار
جونكه غم بينى تو استغفار كن غم بامر خالق آمد كار كن

وفى الآية اشارة الى ان ريح الشقاوة الازلية اذا هبت من مهب القهر والعزة على زروع معاملات الاشقياء وان كانت مخضرة اى على وفق الشرع تجعلها مصفرة يابسة تذروها الرياح كاعمال المنافق فيصيرون من بعد الايمان التقليدى بالنفاق يكفرون بالله وبنعمته وهذا الكفر اقبح من الكفر المتعلق بالنعمة فقط نعوذ بالله من درك الشقاء وسوء الحال وسيآت الاقوال والافعال