التفاسير

< >
عرض

فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
٥٧
-الروم

روح البيان في تفسير القرآن

{ فيومئذ } اى يوم القيامة { لا ينفع الذين ظلموا } اى اشركوا { معذرتهم } اى عذرهم وهو فاعل لا ينفع. والعذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او فعلت ولا اعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة واصل الكلمة من العذرة وهى الشئ النجس تقول عذرت الصبى اذا طهرته وازلت عذرته وكذا عذرت فلانا اذا ازلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كذا فى المفردات.
وقال فى كشف الاسرار اخذ من العذار وهو الستر { ولا هم يستعتبون } الاعتاب ازالة العتب اى الغضب والغلظة: وبالفارسية [خوشنود كردن] والاستعتاب طلب ذلك: يعنى [ازكسى خواستن كه ترا خوشنود كند] من قولهم استعتبنى فلان فاعتبته اى استرضانى فارضيته. والمعنى لا يدعون الى ما يقتضى اعتابهم اى ازالة عتبهم وغضبهم من التوبة والطاعة كما دعوا اليه فى الدنيا اذ لا يقبل حينئذ توبة ولا طاعة وكذا لا يصح رجوع الى الدنيا لا دراك فائت من الايمان والعمل: قال الشيخ سعدى قدس سره

كنونت كه جشم است اشكى ببار زبان دردهانست عذرى بيار
كنون بايدت عذر تقصير كفت نه جون نفس زكفتن بخفت
بشهر قيامت مرو تنكدست كه وجهى ندارد بحسرت نشست

وفى الآية الى ان القالب للانسان كالقبر للميت فهم يستقصرون يوم البعث ايامهم الدنيوية الفانية المتناهية وان طالت مدتهم بالنسبة الى صباح الحشر فانه يوم طويل.
قال عليه السلام
"الدنيا ساعة فاجعلها طاعة" واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الاحزان والغموم والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف وليأتينّ عليها مئون من سنين ليس عليها موحد يعنى قرب القيامة فانه حينئذ ينقرض اهل الايمان لما اراد الله من فناء الدنيا ثم ينتهى دور السنبلة وينتقل الظهور الى البطون ثم بعد تمام مدة البرزخ وينفخ فى الصور فيبعث اهل الايمان على ما ماتوا عليه من التوحيد ويبعث اهل الكفر على ما هلكوا عليه من الاشراك وتكون الدنيا ومدتها وما تحويه من الامور والاحوال نسيا منسيا فيا طوبى لمن صام نهاره حتى يطعمه الله فى ذلك اليوم الطويل من نعم جناته ولمن قام طول ليلته فيقيمه الله فى ظل عرشه اراحة له من الكدر لمن وقع فى نار محبته فيخلصه من نار ذلك اليوم ويحيطه بالنور فانه لا يجتمع شدة الدنيا وحدة الآخرة للمؤمن المتقى: قال الشيخ العطار فى الهى نامه

مكر يكروز دربازار بغداد بغايت آتشى سوزنده افتاد
فغان برخاست ازمردم بيكباروزان آتش قيامت شدبديدار
بزه برييره زالى مبتلايى عصا دردست مى آمد زجايى
يكى كفتا مكر ديوانة تو كه حق افتاد آتش اندر خانه تو
زنش كفتا تويى ديوانه منكه حق هركزنسوزخانه من
بآخرجون بسوخت عالم جهانى نبود آن زال را زآتش زيانى
بدو كفتندهان اى زال دمسازبكو كزجه بدانستى تواين راز
جنين كفت آنكهى زال فروتن كه ياخانه بسوزد يادل من
جوسوخت ازغم دل ديوانه را نخواهد سوخت آخرهانة را

فعلى العاقل ان يكون على مراد الله فى احكامه واو امره حتى يكون الله تعالى على مراده فى انجائه من ناره والاسترضاء لا يكون الا فى الدنيا فانها دار تكليف فاذا جاء الموت يختم الفم والاعضاء وتنسد الحواس والقوى وطرق التدارك بالكلية فيبقى كل امرئ مرهونا بعمله