التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٩
-لقمان

روح البيان في تفسير القرآن

{ ألم تر } ألم تعلم يا من يصلح للخطاب علما قويا جاريا مجرى الرؤية { ان الله } بقدرته وحكمته { يولج الليل فى النهار } الولوج الدخول فى مضيق والايلاج الادخال اى يدخل الليل فى النهار ويضيفه اليه بان يزيد من ساعات الليل فى ساعات النهار صيفا بحسب مطالع الشمس ومغاربها: يعنى [ازوقت نزول آفتاب بنقطه شتوى تازمان حلول او بنقطه انقلاب صيفى ازا جزاى شب مى كاهد ودر اجزاى روز مى افزايد تاروزى كه دراول جدى اقصر ايام سنة دراول سرطان اطول ايام سنة ميشود] يعنى يصير النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات.
"قال عبد الله بن سلام اخبرنى يا محمد عن الليل لم سمى ليلا قال لانه منال الرجال من النساء جعله الله الفة ومسكنا ولباسا قال صدقت يا محمد ولم سمى النهار نهارا قال لانه محل طلب الخلق لمعايشهم ووقت سعيهم واكتسابهم قال صدقت" { ويولج النهار فى الليل } اى يدخله فيه ويضم بعض اجزائه اليه بان يزيد من ساعات النهار فى ساعات الليل شتاء بحسب المطالع والمغارب: يعنى [درباقى سنة ازجزاى روز كم مى كند واجزاى شب را بدان زياده مى زاد تاشبى كه در آخر جوزا اقصر ليالى بود در آخر قوس اطول ليالى ميشود]: يعنى يصير الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتا آن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة اشهر ليل وستة اشهر نهار وبعضها حر وبعضها برد وممالك الاقاليم السبعة التى ضبط عددها فى زمن المأمون ثلاثمائة وثلاث واربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى اضيقها وثلاثة اشهر وهى اوسعها والمملكة سلطان الملك وبقاعه التى يتملكها { وسخر الشمس والقمر } [رام كرد آفتاب وماه را كه سبب منافع الخلق اند].
"قال عبد الله بن سلام اخبرنى يا محمد عن الشمس والقمر أهما مؤمنان ام كافران قال عليه السلام مؤمنان طائعان مسخران تحت قهر المشيئة قال صدقت قال فما بال الشمس والقمر لا يستويان فى الضوء والنور قال لان الله تعالى محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة نعمة منه وفضلا ولولا ذلك لما عرف الليل من النهار" والجملة عطف على يولج والاختلاف بينهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين فى الآخر امر متجدد فى كل حين واما تسخير النيرين فامر لا تعدد فيه ولا تجدد وانما التعدد والتجدد فى آثاره وقد اشير الى ذلك حيث قيل { كل } من الشمس والقمر { يجرى } بحسب حركته الخاصة القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الايام جريا مستمرا { الى اجل مسمى } قدره الله تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما روى عن الحسن فانهما لا ينقطع جريهما الا حينئذ وذلك لانه تموت الملائكة الموكلون عليهما فيبقى كل منهما خاليا كبدن بلا روح ويطمس نورهما فيلقيان فى جهنم ليظهر لعبدة الشمس والقمر والنار انها ليست بآلهة ولو كانت آلهة لدفعت عن انفسها فالجملة اعتراض بين المعطوفين لبيان الواقع بطريق الاستطراد هذا وقد جعل جريانهما عبارة عن حركتها الخاصة بهما فى فلكهما والاجل المسمى عن منتهى دورتهما وجعل مدة الجريان للشمس سنه وللقمر شهر فالجملة حينئذ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيه على كيفية ايلاج احد الملوين فى الآخر وكون ذلك بحسب انقلاب جريان الشمس والقمر على مداراتهما اليومية { وان الله بما تعملون خبير } عالم بكنهه عطف على ان الله يولج الخ داخل معه فى حيز الرؤية فان من شاهد ذلك الصنع الرائق والتدبير اللائق لا يكاد يغفل عن كون صانعه محيطا بجلائل اعماله ودقائقها