التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
٣٣
-لقمان

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها الناس } نداء عام لكافة المكلفين واصله لكفار مكة { اتقوا ربكم } [ببرهيزيد ازعذاب وخشم خداوند خويش] وذلك بالاجتناب عن الكفر والمعاصى وما سوى الله تعالى.
قال بعض العارفين مرة يخوّفهم بافعاله فيقول
{ { اتقوا فتنة } ومرة بصفاته فيقول { { ألم يعلم بان الله يرى } ومرة بذاته فيقول { { يحذركم الله نفسه } { واخشوا } الخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى عليه { يوما }.
قال فى التيسير يجوز ان يكون على ظاهره لان يوم القيامة مخوف { لا يجزى } فيه { والد عن ولده } اى لا يقضى عنه شيئا من الحقوق ولا يحمل من سيآته ولا يعطيه من طاعاته يقال جزاءه دينه اذا قضاه.
وفى المفردات الجزاء الغناء والكفاية كقوله تعالى
{ { لا تجزى نفس عن نفس شيئا } وبالفارسية [وبترسيد از روزى كه دفع نكند عذاب را وباز ندارد بدر از بسر خويش] والولد ولو كان يقع على القريب والبعيد اى ولد الولد لكن الاضافة تشير الى الصلبى القريب فاذا لم يدفع عما هو الصق به لم يقدر ان يدفع عن غيره بالطريق الاولى. ففيه قطع لاطماع اهل الغرور المفتخرين بالآباء والاجداد المعتمدين على شفاعتهم من غير ان يكون بينهم جهة جامعة من الايمان والعمل الصالح { ولا مولود } [ونه فرزندى] عطف على والد وهو مبتدأ خبره قوله { هو جاز } قاد ومؤدّ { عن والده شيئا } ما من الحقوق وخص الولد والوالد بالذكر تنبيها على غيرهما والمولود خاص بالصلبى الاقرب فاذا لم يقبل شفاعته للاب الاول الذى ولدمنه لم يقبل لمن فوقه من الاجداد وتغيير النظم للدلالة على ان المولود اولى بان لا يجزى ولقطع طمع من توقع من المؤمنين ان ينفع اباه الكافر فى الآخرة ولذا قالوا ان هذا الخبر خاص بالكفار فان اولاد المؤمنين وآباءهم ينفع بعضهم بعضا قال تعالى { { ألحقنا بهم ذريتهم } اى بشرط الايمان { ان وعد الله } بالحشر والجنة والنار والثواب والعقاب والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر وعدا وميعادا والوعيد فى الشر خاصة { حق } كائن لا خلف فيه { فلا تغرنكم الحياة الدنيا } يقال غره خدعه واطعمه بالباطل فاغتر هو كما فى القاموس والمراد بالحياة الدنيا زينتها وزخارفها وآمالها: يعنى [بمتاعهاى دلفريب او فريفته مشويد].
وفى التأويلات النجمية اى بسلامتكم فى الحال وعن قريب ستندمون فى المآل انتهى { ولا يغرنكم بالله الغرور }.
قال فى المفردات الغرور كل ما يغر الانسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان اذ هو اخبث الغارين اى ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ فى الغرور والخدعة بان يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصى وينسيكم الرجوع الى القبور ويحملكم على الغفلة عن احوال القيامة واهوالها

وعذر فردارا عمر فردا بايدكار امروز بفردا نكذارى زنهار
روز جون بافته كاركن وعذر ميار

قال فى كشف الاسرار الغرة بالله حسن الظن به مع سوء العمل وفى الخبر (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله المغفرة) ونعم ما قيل

ان السفينة لا تجرى على اليبس

فلا بد من الاعمال الصالحة فان بها النجاة وبها يلتحق الاواخر بالاوائل.
ففى الآية حسم لمادة الطمع فى الانتفاع بالغير مع اهمال الاسلام او الطاعات اعتمادا على صلاح الغير فان يوم القيامة يوم عظيم لا ينفع فيه من له اتصال الولادة فما ظنك بما سواها ويشتغل كل احد بنفسه الا منرحمه الله تعالى.
وعن كعب الاحبار تقول امرأة من هذه الامة لولدها يوم القيامة يا ولدى أما كان لك بطنى وعاء وحجرى وطاء وثديى سقاء كما قال الشيخ سعدى قدس سره

نه طفلى زبان بسته بودى زلاف همى روزى آمد بجوفت زناف
جونافت بريدند روزى كسست به بستان مادر در آويخت دست
كنار وبرمادر دلبذير بهشت است وبستان ازو جوى شير

فاحمل عنى واحدا فقد اثقلنى ذنوبى فيقول هيهات يا اماه كل نفس بما كسبت رهينة فاذا حملت عنك فمن يحمل عنى

من وتو دو محتاج يك مائده نه ازمن نه از تو بمن فائده

"وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انه ليكون للوالدين على ولدهما دين فاذا كان يوم القيامة يتعلقان به فيقول ان ولد كما فيوّد ان لو كان اكثر من ذلك" فلا يليق للمؤمن الاهمال فى العبادة والتوبة والندم اغترارا واعتمادا على مجرد الكرم ـ ذكر فى الاسرائيليات ـ ان الكليم عليه السلام مرض فذكر له دواء المرض فابى وقال يعافينى بغير دواء فطالت علته فاوحى الله تعالى اليه وقال وعزتى وجلالى لا ابرئك حتى تتداوى أتريد ان تبطل حكمتى. فاتضح بهذا ان الاعمال اسباب ووسائل للجنات والدرجات وان لم تكن عللا موجبة فكما ان اهل الدنيا يباشرون الاسباب فى تحصيل مرامهم فكذلك ينبغى لاهل الآخرة ان يباشروا الاعمال الصالحة فى تحصيل الدرجات العالية والمطالب الاخروية.
ومن هذا المقام ما حكى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه لما منع من دخول الحمام بلا اجرة تأوّه وقال اذا منع من دخول بيت الشيطان بلا شئ فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شئ.
قال بعض الكبار لا ينبغى للمؤمن ان يتطير ويعد نفسه من الاشقياء فيتكاسل فى العمل بل ينبغى ان يحسن الظن بالله تعالى ويجاهد فى طريقه فان للاعتقاد تأثيرا بليغا وقد وعد الله ووعد الشيطان ووعد الله تعالى صدق محض لانه هو الولى ووعد الشيطان كذب محض لانه هو العدو فالاصغاء لكلام الولى خير من استماع كلام العدو فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس ولا بالحياة الدنيا فان دولتها ذاهبة وزينتها زائلة وليس لها لاحد وفاء

برمرد هشيار دنيا خس است كه هر مدتى جاى ديكر كسست
منه برجهان دل كه بيكانه ايست جومطرب كه هرروز درخانه ايست
نه لائق بود عشق بادلبرى كه هربا مدادش بود شوهرى
مكن تكيه برملك وجاه وحشم كه بيش ازتو بودست وبعد از توهم
همه تخت وملكى بذيرد زوال بجز ملك فرمانده لايزال
وغم وشادمانى نماند وليك جزاى عمل ماند ونام نيك
عروسى بود نوبت ماتمت كرت نيك روزى بود خاتمت
خدايا بحق بنى فاطمه كه برقول ايمان كنم خاتمه

نسأل الله سبحانه ان يختمنا على افضل الاعمال الذى هو التوحيد وذكر رب العرش المجيد ويجعلنا فى جنات تحرى من تحتها الانهار ويشرفنا برؤية جماله المنير فى الليل والنهار آمين بجاه النبى الامين