التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
٤
-لقمان

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين يقيمون الصلوة } الخ صفة كاشفة للمحسنين وبيان لما عملوه من الحسنات فاللام فى للمحسنين لتعريف الجنس وان اريد بها جميع الحسنات الاعتقادية والعملية على ان يكون اللام للاستغراق فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لاظهار فضلها على غيرها ومعنى اقامة الصلاة اداؤها وانما عبر عن الاداء بالاقامة اشارة الى ان الصلاة عماد الدين.
وفى المفردات اقامة الشئ توفية حقه واقامة الصلاة توفية شرائطها لا الاتيان بهيئتها: يعنى [شرائط نماز دوقسم است قسمى را شرائط جواز كويند يعنى فرائض وحدود واوقات آن وقسمى را شرائط قبول كويند يعنى تقوى وخشوع واخلاص وتعظيم وحرمت آن قال تعالى
{ { انما يتقبل الله من المتقين } وتاهردو قسم بجاى نيارد معنى اقامت درست نشود ازينجاست كه رب العزة در قرآن هرجا كه بنده را نماز فرمايد ويابناى مدح كند { اقيموا الصلوة: ويقيمون الصلوة } كويد "صلوا ويصلون" نكويد].
وفى التأويلات النجمية { يقيمون الصلاة } اى يديمونها بصدق التوجه وحضور القلب والاعراض عما سواه انتهى اشار الى معنى آخر لاقام وهو ادام كما قاله الجوهرى وفى الحديث
"ان بين يدى الخلق خمس عقبات لا يقطعها كل ضامر ومهزول فقال ابو بكر رضى الله عنه ما هى يا رسول الله قال عليه السلام. اولاها الموت وغصته. وثانيتها القبر ووحشته. وثالثتها سؤال منكر ونكير وهيبتهما. ورابعتها الميزان وخفته. وخامستها الصراط ودقته فلما سمع ابو بكر رضى الله عنه هذه المقالة بكى بكاء كثيرا حتى بكت السموات السبع والملائكة كلها فنزل جبريل وقال يا محمد قل لابى بكر حتى لا يبكى اما سمع من العرب كل داء له دواء الا الموت ثم قال من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته ومن صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضيقه ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبتهما ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته" ويقال من تهاون فى الصلاة منع الله منه عند الموت قول لا اله الا الله { ويؤتون الزكاة } اى يعطونها بشرائطها الى مستحقيها من اهل السنة فان المختار انه لا يجوز دفع الزكاة الى اهل البدع كما فى الاشباه.
يقال من منع الزكاة منع الله منه حفظ المال ومن منع الصدقة منع الله منه العافية كما قال عليه السلام
"حصنوا اموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ومن منع العشر منع الله منه بركة ارضه"
وفى التأويلات النجمية { ويؤتون الزكاة } تزكية للنفس. فزكاة العوام من كل عشرين دينارا نصف دينار لتزكية نفوسهم من نجاسة البخل كما قال تعالى { خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فبايتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الاركان الاخرى نجاة العوام من النار. وزكاة الخواص من المال كله لتصفية قلوبهم من صدأ محبة الدنيا. وزكاة اخص الخواص بذل الوجود ونيل المقصود من المعبود كما قال عليه السلام "من كان لله كان الله له" :وفى المثنوى

جون شدى من كان لله ازوله من ترا باشم كه كان الله له

{ وهم بالآخرة } اى بالدار الآخرة والجزاء على الاعمال سميت آخرة لتأخرها عن الدنيا { هم يوقنون } فلا يشكون فى البعث والحساب [والايقان بى كمان شدن]: وبالفارسية [ايشان بسراى ديكر بى كمانانند يعنى بعث وجزارا تصديق ميكنند] واعادة لفظة هم للتوكيد فى اليقين بالبعث والحساب ولما حيل بينه وبين خبره بقوله بالآخرة.
وفى التأويلات النجمية وهم بالآخرة هم يوقنون لخروجهم من الدنيا وتوجههم الى المولى. والآخرة هى المنزل الثانى لمن يسير الى الله بقدم الخروج من منزل الدنيا فمن خرج من الدنيا لا بد له ان يكون فى الآخرة فيكون موقنابها بعد ان كان مؤمنا بها انتهى.
يقول الفقير لا شك عند اهل الله ان الدنيا من الحجب الجسمانية الظلمانية وان الآخرة من الحجب الروحانية النورانية ولا بد للسالك من خرقها بان يتجاوز من سير الاكوان الى سير الارواح ومنه الى سير عالم الحقيقة فانه فوق الاولين فاذا وصل الى الارواح صار الايمان ايقانا والعلم عيانا واذا وصل الى عالم الحقيقة صار العيان عينا والحمد لله تعالى