التفاسير

< >
عرض

تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
١٦
فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٧
-السجدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ تتجافى جنوبهم } استئناف لبيان بقية محاسن المؤمنين. والتجافى النبوّ والبعد اخذ من الجفاء فان من لم يوافقك فقد جافاك وتجنب وتنحى عنك والجنوب جمع جنب وهو شق الانسان وغيره. والمعنى ترتفع وتتنحى اضلاعهم { عن المضاجع } اى الفرش ومواضع النوم جمع مضجع كمقعد بمعنى موضع الضجوع اى وضع الجنب على الارض: وبالفارسية [دور ميشود بهلوهاى ايشان از خوابكهها] وفى اسناد التجافى الى الجنوب دون ان يقال يجافون جنوبهم اشارة الى ان حال اهل اليقظة والكشف ليس كحال اهل الغفلة والحجاب فانهم لكمال حرصهم على المناجاة ترتفع جنوبهم عن المضاجع حين ناموا بغير اختيارهم كان الارض القتهم من نفسها واما اهل الغفلة فيتلاصقون بالارض لا يحركهم محرك { يدعون ربهم } حال من ضمير جنوبهم اى داعين له تعالى على الاستمرار { خوفا } من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته { وطمعا } فى رحمته قال عليه السلام فى تفسير الآية قيام العبد من الليل يعنى انها نزلت فى شأن المتهجدين فان افضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم وافضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل.
قال الكاشفى [جون برده شب فرو كذارند وجهانيان سربر بالين غفلت بنهند ايشان بهلو از بستر كرم وفراش نرم تهى كرده برقدم نياز بايستند ودر شب در از باحضرت خداوند را ز كويند. از سهيل يمنى يعنى اويس قرنى رضى الله عنه منقولست كه درشبى ميكفت "هذه ليلة الركوع" وبيك ركوع بسر مى برد ودرشبى ديكر ميفر مودكه "هذه ليلة السجود" وبيك سجده بصبح ميرسانيد كفتند اى اويس جون طاقت طاعت دارى سبب جيست كه شبها بدين درازى بريك حال مى كذرانى كفت كجاست شب دزازى كاشكى ازل وابد يكشب بودى تابيك سجده بآخر بردمى دران سجده نالهاى زار وكريهاى بيشمار كردمى]

به نيم شب كه همه مست خواب خوش باشند من وخيال تو ونالهاى درد آلود

وفى الحديث "عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين احبته واهله الى صلاته فيقول الله تعالى لملائكته انظروا الى عبدى ثار عن فراشه ووطائه من بين احبته واهله الى صلاته رغبة فيما عندى واشفاقا مما عندى ورجل غزا فى سبيل الله فانهزم مع اصحابه فعلم ما عليه من الانهزام وماله فى الرجوع فرجع حتى اهريق دمه فيقوالله لملائكته انظروا الى عبدى رجع رغبة فيما عندى واشفاقا مما عندى حتى اهريق دمه" وفى الحديث "ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها اعدها الله لمن ألان الكلام واطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام" قال ابن رواحة رضى الله عنه يمدح النبى عليه السلام

وفينا رسول الله يتلو كتابه اذا انشق معروف من الفجر ساطع
ارنا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات ان ما قال واقع
يبيت جافى جنبه عن فراشه اذا استثقلت بالكافرين المضاجع

وفى الحديث "اذا جمع الله الاولين والآخرين جاء مناد بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم اهل الجمع اليوم من اولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فيقول ليقم الذين يحمدون الله فى السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا الى الجنة ثم يحاسب سائر الناس"
واعلم ان قيام الليل من علو الهمة وهو وهب من الله تعالى فمن وهب له هذا فليقم ولا يترك ورد الليل بوجه من الوجوه.
قال ابو سليمان الدارانى قدس سره نمت عن وردى فاذا انا بحوراء تقول يا ابا سليمان تنام وانا اربى لك فى الخيام منذ خمسمائة عام.
وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى الله عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقول الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال لى يا استاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن اوجها منهن واذا فيهن واحدة شوهاء لم ار اقبح منها منظرا فقلت لمن انتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التى مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول

اسأل لمولاك وارددنى الى حالى فانت قبحتنى من بين اشكالى
لا ترقدن الليالى ما حييت فان نمت الليالى فهن الدهر امثالى

فاجابتها جارية من الحسان تقول

ابشر بخير فقد نلت الغنى ابدا فى جنة الخلد فى روضات جنات
نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها تتلو القرآن بترجيع ورنات
ابشر وقد نلت ما ترجوه من ملك بر يجود بافضال وفرحات
غدا تراه تجلى غير محتجب تدنى اليه وتحظى بالتحيات

قال ثم شهق شهقة خرميتارحمه الله تعالى.
وفى آكام المرجان ظهر ابليس ليحيى عليه السلام فقال له يحيى هل قدرت منى على شئ قال لا الامرة واحدة فانك قدّمت طعاما لتأكله فلم ازل اشهيه اليك حتى اكلت منه اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة فلم تقم الى الصلاة كما كنت تقوم اليها فقال له يحيى لا جرم لا شبعت من طعام ابدا قال له الخبيث لا جرم لا نصحت آدميا بعدك

باندازه خور زاد اكرمردمى جنين برشكم آدمى ياخمى
ندارند تن بروران آكهى كه برمعده باشد زحكمت تهى

{ ومما رزقناهم } اعطيناهم من المال { ينفقون } فى وجوه الخير والحسنات.
قال بعضهم هذا عام من الواجب والتطوع وذلك على ثلاثة اضرب زكاة من نصاب ومواساة من فضل وايثار من قوت

بدونيك را بذل كن سيم وزر كه آن كسب خيراست وآن دفع شر
از آن كس كه خيرى بماند روان دمادم رسد رحمتش بر روان

{ فلا تعلم نفس } من النفوس لا ملك مقرب ولا نبى مرسل فضلا عمن عداهم { ما اخفى لهم } اى لاولئك الذين عددت نعوتهم الجليلة من التجافى والدعاء والانفاق ومحل الجملة نصب لا تعلم سدت مسد المفعولين { من قرة اعين } مما تقربه اعينهم اذا رأوه وتسكن به انفسهم.
وقال الكاشفى [از روشنى جشمها يعنى جيزى كه بدان جشمها روشن كردد] وفى الحديث
"يقول الله تعالى اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بل ما اطلعتم عليه اقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين" { جزاء بما كانوا يعملون } اى جزوا جزاء بسبب ما كانوا يعملون فى الدنيا من اخلاص النية وصدق الطوية فى الاعمال الصالحة [بزركى فرموده كه جون عمل بنهان ميكردند جزا نيز بنهانست تاجنانجه كس را برطاعت ايشان اطلاع نبود كسى را نيز بمكافاة ايشان اطلاع نباشد]

روزى كه روم همره جانان بجمن نه لا له وكل بينم ونه سرو وسمن
زيرا كه ميان من واو كفته شود من دانم واو داند واو داند ومن

وفى التأويلات النجمية { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } عن مضاجع الدارين وتتباعد قلوبهم عن مضاجعات الاحوال فلا يساكنون اعمالهم ولا يلاحظون احوالهم ويفارقون مآلفهم ويهجرون فى الله معارفهم يدعون ربهم بربهم لربهم خوفا من القطيعة والابعاد { وطمعا } فى القربات والمواصلات { ومما رزقناهم } من نعمة الوجود { ينفقون } ببذل المجهود فى طلب المفقود وليردّ اليهم بالجود ما اخفى لهم من النقود كما قال تعالى { فلا تعلم } الخ. وفى الحقيقة ان ما اخفى لهم انما هو جمالهم فقد اخفى عنهم لعينهم فان العين حق.
فاعلم انه ما دام ان تكون عينكم الفانية باقية يكون جمالكم الباقى مخفيا عنكم لئلا تصيبه عينكم فلو طلع صبح سعادة التلاقى وذهب بظلمة البين من البين وتبدلت العين بالعين فذهب الجفاء وظهر الخفاء ودام اللقاء كما اقول

مذ جاء هواكم ذاهبا بالبين لم يبق سوى وصالكم فى البين
ما جاء بغير عينكم فى عينى والآن محت عينكمولى عينى

وبقوله { جزاء بما كانوا يعملون } يشير الى ان عدم علم كل نفس بما اخفى لهم وحصول جهلهم به انما كان جزاء بما كانوا يعملون بالاعراض عن الحق لاقبالهم على طلب غير الله وعبادة ما سواه انتهى