التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣
-السجدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ام } منقطعة اى بل أ { يقولون افتراه } اختلق محمد القرآن فهذا القول منهم منكر متعجب منه لغاية ظهور بطلانه.
وفى التأويلات النجمية اذا تعذر لقاء الاحباب فاعز الاشياء على الاحباب كتاب الاحباب

ذوقى رسد ازنامه تو روز فراقم كرنامه طاعت نرسد روز قيامت

انزل رب العالمين الى العالمين كتابا فى الظاهر ليقرأ على اهل الظاهر فينذر به اهل الغفلة ويبشر به اهل الخدمة وكتابا فى الباطن على اهل الباطن ليتنور بانواره بواطنهم ويتزين باسراره سرائرهم فينذر به اهل القربة لئلا يلتفتوا الى غيره ولا يستأنسوا بغيره فتسقطهم الغيرة عن القربة ويبشر به اهل المحبة بالوفاء بوعد الرؤية وباللقاء على بساط الوصلة وبالبقاء بعد الفناء فى الوحدة فيتكلموا بالحق عن الحق للحق فاذا سمع اهل الباطن كلامهم فى الحقائق من ربهم انكر عليهم اهل الغفلة انه من الله

زد شيخ شهر طعنه براسرار اهل دل المرء لا يزال عدوا لما جهل

ثم اضرب عنه الى بيان حقيقة ما انكروه فقال { بل } [نه جنين است كافران ميكويند بلكه] { هو } اى القرآن { الحق } [سخن درست وراست است فرآمده] { من ربك } [از برورد كار تو] ثم بين غايته فقال { لتنذر } [تابيم كنى از عذاب الهى] { قوما } هم العرب { ما } نافية { اتاهم من نذير } مخوف { من قبلك } اى من قبل انذارك او من قبل زمانك اذ كان قريش اهل الفطرة واضل الناس واحوجهم الى الهداية لكونهم امة امية وفى الحديث "ليس بينى وبينه نبى" اى ليس بينى وبين عيسى نبى من العرب اما اسماعيل عليه السلام فكان نبيا قبل عيسى مبعوثا الى قومه خاصة وانقطعت نبوته بموته واما خالد بن سنان فكان نبيا بعد عيسى ولكنه اضاعه قومه فلم يعش الى ان يبلغ دعوته وقد سبقت قصته على التفصيل فعلم من هذا ان اهل الفطرة الزمتهم الحجة العقلية لانهم كانوا عقلاء قادرين على الاستدلال لكنهم لم تلزمهم الحجة الرسالية { لعلهم يهتدون } بانذارك اياهم والترجى معتبر من جهته عليه السلام اى لتنذرهم راجيا لاهتدائهم الى التوحيد والاخلاص فعلم منه ان المقصود من البعثة تعريف طريق الحق وكل يهتدى بقدر استعداده الا ان لا يكون له استعداد اصلا كالمصرين فانهم لم يقبلوا التربية والتعريف وكذا من كان على جبلتهم الى يوم القيام

توان باك كردن ززنك آينه وليكن نيايد زسنك آينه

واما قول المثنوى

كرتوسنك صخره ومرمر شوى جون بصاحب دل رسى كوهر شوى

فلذلك فى حق المستعد فى الحقيقة ألا ترى ان ابا جهل رأى النبى عليه السلام ووصل اليه لكن لما رآه بعين الاحتقار وانه يتيم ابى طالب لابعين التعظيم وانه رسول الله ووصل اليه وصول عناد وانكار لا وصول قبول واقرار لم يصر جوهرا وهكذا حال ورثته مع المقرين والمنكرين ثم ان الاهتداء اما اهتداء الى الجنة ودرجاتها وذلك بالايمان والاخلاص واما اهتداء الى القربة والوصلة وذلك بالمحبة والترك والفناء والاول حال اهل العموم والثانى حال اهل الخصوص وهو اكمل من الاول فعليك بقبول الارشاد لتصل الى المراد واياك ومتابعة اهل الهوى فانهم ليسوا من اهل الهدى والميت لا يقدر على تلقين الحى وانما يقدر الحى تلقين الميت ـ روى ـ ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان عادته لا يضحك فسأله بعض اصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا انه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول ألا تعجبون من ميت يلقن حيا قال الصائب

زبى دردان علاج دردخود جستن بدان ماند كه خاراز بابرون آرد كسى بانيش عقربها

وقال المولى الجامى

بلاف ناخلفان ومانه غره مشو مرو جوسامرى ازره ببانك كوساله

وقال الحافظ

درراه عشق وسوسه اهر من بسست هش دار وكوش دل ببيام سروش كن

نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المهتدين الى جنابه اللائقين بحسن خطابه ويصوننا من الضلالة والصحبة باربابها ويحفظنا من الغواية والاقتداء باصحابها انه الهادى والمرشد