التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٩
-السجدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ثم سوّيه } اى قوم النسل بتكميل اعضائه فى الرحم وتصويرها على ما ينبغى.
وقال الكاشفى [بس راست كرد قالب آدم را].
قال النسفى [مراد: از تسويه آدم برابرئ اركانست يعنى اجزاى هرجهار برابر باشد وتسويه قالب بمثابت نارست كه آهن رابتدبير بجايى شفاف وعكس بذير شود وقابل صورت كردد] { ونفخ فيه من روحه } اضافه الى نفسه تشريفا واظهارا بانه خلق عجيب ومخلوق شريف وان له شأنا له مناسبة الى حضرة الربوبية ولاجله من عرف نفسه فقد عرف ربه.
وفى الكواشى جعل فيه الشئ الذى اختص تعالى به ولذلك اضافه اليه فصار بذلك حيا حساسا بعد ان كان جمادا لا ان ثمة حقيقة نفخ.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الروح ليس بجسم يحل فى البدن حلول الماء فى الاناء ولا هو عرض يحل القلب او الدماغ حلول السواد فى الاسود والعلم فى العالم بل هو جوهر لا يتجزأ باتفاق اهل البصائر فالتسوية عبارة عن فعل فى المحل القابل وهو الطين فى حق آدم عليه السلام والنطفة فى حق اولاده بالتصفية وتعديل المزاج حتى ينتهى فى الصفاء ومناسبة الاجزاء الى الغاية فيستعد لقبول الروح وامساكها والنفخ عبارة عما اشتغل به نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشتغال وصورة النفخ فى حق الله محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال والسبب الذى اشتعل به نور الروح هو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذى هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل بالاستنارة عند ارتفاع الحجاب بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذى لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية ومثال صفة القابل صقالة المرآة والروح منزهة عن الجهة والمكان وفى قوتها العلم بجميع الاشياء والاطلاع عليها وهذه مناسبة ومضاهاة ليست لغيرها من الجسمانية فلذلك اختصت بالاضافة الى الله تعالى انتهى كلامه باختصار.
قال الشيخ النسفى [انسانرا جند روح است انسان روح طبيعى دارد ومحل وى جكرست دربهلوى راست است وروح حيوانى دارد ومحل وى دلست دربهلوى جب است وروح نفسانى دارد ومحل وى دماغست وروح انسانى دارد ومحل آن روح نفسانيست وروح قدسى دراد ومحل وى روح انسانيست روح قدسى بمثابه نارست وروح انسانى بمثابه روغنست وروح نفسانى بمثابه فتيله است وروح حيوانى بمثابه زجاجه است وروح طبيعى بمثابه مشكاتست اينست] معنى
{ { مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } الآية والمنفوخ هو الروح الانسانى والانسان يشارك الحيوان فى الروح الطبيعى والروح الحيوانى والروح النفسانى ويمتاز عنه بالروح الانسانى الذى هو من عالم الامر وخواص الانسان يشاركون عوامهم فى الارواح الاربعة المذكورة ويمتازون عنهم بالروح القدسى الذى ينفخه الله عند الفناء التام جعلنا الله واياكم ممن حى بهذا الروح واوصلنا الى انواع الفتوح { وجعل } وخلق { لكم } لمنافعكم يا بنى آدم { السمع } لتسمعوا الآيات التنزيلية الناطقة بالبعث وبالتوحيد { والابصار } لتبصروا الآيات التكوينية المشاهدة فيهما [والافئدة } لتعقلوا وتستدلوا بها على حقيقة الآيتين جمع فؤاد بمعنى القلب لكن انما يقال فؤاد اذا اعتبر فى القلب معنى التفؤد اى التوقد { قليلا ما تشكرون } اى تشكرون رب هذه النعم شكرا قليلا على ان القلة بمعنى النفى والعدم فهو بيان لكفرهم بتلك النعم وربها.
وفيه اشارة الى ان قليلا من الانسان يعرف نفسه بالمرآتية ليعرف ربه بالمحسنية المتجلى فيها وقد خلقه الله تعالى لمعرفة ذاته وصفاته كما قال
{ { وما خلقت الجنس والانس الا ليعبدون } اى ليعرفون وانما يصل الانسان الى مرتبة المعرفة الحقيقية بدلالة الرسول ووراثته [حق سبحانه وتعالى همه عالم بيافريد فلك وملك عرش وكرسى ولوح وقلم وبهشت ودوزخ وآسمان وزمين وباين آفريدها هيج نظر مهر ومحبت نكرد رسول بايشان نفرستاد وبيغام بايشان نداد جون نوبت بخاكيان رسيدكه بركشيدكان لطف بودند ونواختكان فضل ومعادن انوار واسرار بلطف وكرم خويشتن ايشانرا محل نظر خود كرد بيغمير بايشان فرستاد تا مهتدى شوند وفرشتكانرا رقيب ونكهبان ايشان كرد سوز مهر درسينهاى ايشان نهاد وآتش عشق در دلها افكند وخطوط ايمان برصفحه دلهاى شان بنوشت ورقم محبت برضمير شان كشيد ونعيم دنيا وطيبات رزق كه افريد از بهر مؤمنان آفريد جنانكه كفت { { قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا } كافر كه دردنيا روزى ميخورد وبطفيل مؤمن ميخورد آنكه كفت { { خالصة يوم القيامة } روز قيامت خالص مر مؤمن را بود وكافررا يك شربت آب نبود] فعلى العاقل أن يعرف النعم والمنعم ويجتهد فى خدمة الشكر حتى لا يكون من اهل البطالة واذا كان من اهل الشكر للنعم الداخلة والخارجة من القوى والاعضاء وغيرهما فالله تعالى يشكر له اى يقبل طاعته ويثنى عليه عند الملأ الاعلى ويجازيه باحسن الجزاء وهو الجنان ودرجاتها ونعيمها الابدى لاهل العموم وقرباته ومواصلاته وتجليه السرمدى لاهل الخصوص نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الذين مدحهم بالشكر والطاعة فى كل ساعة لا ممن ذمهم بتضييع الحقوق وافساد الاستعداد والسعى فى الارض بالفساد