التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً
٣٩
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين يبلغون رسالات الله } مجرور المحل على انه صفة للذين خلوا. ومعناه بالفارسية [آنانكه ميرسانيدند بيغامهاى خدارا بامتان خود] والمراد ما يتعلق بالرسالة وهى سفارة العبد بين الله وبين ذوى الالباب من خلقه اى ايصال الخبر من الله الى العبد { ويخشونه } فى كل ما يأتون ويذرون لا سيما فى امر تبليغ الرسالة حيث لا يقطعون منها حرفا ولا تأخذهم فى ذلك لومة لائم { ولا يخشون احدا الا الله } وفى وصفهم بقصرهم الخشية على الله تعريض بما صدر عنه عليه السلام من الاحتراز عن لائمة الخلق بعد التصريح فى قوله { { وتخشى الناس } الآية.
قال بعض الكبار خشية الانبياء من العقاب وخشية الاولياء من الحجاب وخشية عموم الخلق من العذاب.
وفى الاسئلة المقحمة كيف قال ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله ومعلوم انهم خافوا غير الله وقد خاف موسى عليه السلام حين قال له
{ { لا تخف انك انت الاعلى } وكذلك قال يعقوب عليه السلام { { انى اخاف ان يأكله الذئب } وكذلك خاف نبينا عليه السلام حين قيل له { { والله يعصمك من الناس } وكذلك اخبر الكتاب عن جماعة من الانبياء انهم خافوا اشياء غير الله والجواب ان معنى الآية لا يعتقدون ان شيئا من المخلوقات يستقل باضرارهم ويستبد بايذائهم دون ارادة الله ومشيئته لما يعلمون ان الامور كلها بقضاء الله وقدره فاراد بالخوف خوف العقيدة والعلم واليقين لا خوف البشرية الذى هو من الطباع الخلقية وخواص البشرية ونتائج الحيوانية { وكفى بالله حسيبا } محاسبا لعباده على اعمالهم فينبغى ان يحاسب العبد نفسه قبل محاسبة الله اياه ولا يخاف غير الله لا فى امر النكاح ولا فى غيره اذا علم ان رضى الله وحكمه فيه.
واعلم ان السواك والتعطر والنكاح ونحوها من سنن الانبياء عليهم السلام وليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم الى الآن ثم تستمر تلك العبادة فى الجنة الا الايمان والنكاح.
قال بعض الكبار من كان اتقى كانت شهوته اشد وذلك ان حرارة الشهوة الحقيقية انما هى بعد نار العشق التى بعد نور المحبة فانظركم من فرق بين شهوة اهل الحجاب وشهوة اهل الشهود فعروق اهل الغفلة ممتلئة بالدم وعروق اهل اليقضة ممتلئة بالنور ولا شك ان قوة النور فوق قوة الدم فنسأل الله الهدى لا الحركة بالهوى ـ حكى ـ عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض العارفين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبى عليه السلام حيث قال
"حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة" فقلت له أما تستحيى من الله تعالى فانه عليه السلام ما قال احببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان من عند الله بلا اختيار منه قال ثم حصل لى غم وهمّ فرأيت النبى عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفينا امره ثم سمعت انه قتل فى طريق ضيعة له.
قال بعض الكبار من اراد فهم المعانى الغامضة فى الشريعة فليتعمل فى تكثير النوافل فى الفرائض وان امكنه ان يكثر من نوافل النكاح فهو اولى اذ هو اعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والانتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شئ من العلم بالعالم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة اتم واقرب لتحصيل ما يرونه فانه اذا فعل ذلك احبه الحق واذا احبه صار من اهل الله كاهل القرآن واذا صار من اهل القرآن كان محلا للقائه وعرشا لاستوائه وسماء لنزوله وكرسيا لامره ونهيه فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وقال كنت من ابغض خلق الله للنساء وللجماع فى اول دخولى فى الطريق وبقيت على ذلك نحو ثمانى عشر سنة حتى خفت على نفسى المقت لمخالفة ما حبب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما افهمنى الله معنى حبب علمت ان المراد ان لا يحبهن طبعا وانما يحبهن بتحبيب الله فزالت تلك الكراهة عنى وانا الآن من اعظم خلق الله شفقة على النساء لانى فى ذلك على بصيرة لا عن حب طبيعى انتهى ـ وروى ـ ان جماعة اتوا منزل زكريا عليه السلام فاذا فتاة جميلة قد اشرق لها البيت حسنا قالوا من انت قالت انا امرأة زكريا فقالوا لزكريا كنا نرى نبى الله لا يريد الدنيا وقد اتخذت امرأة جميلة فقال انما تزوجت امرأة جميلة لا كف بها بصرى واحفظ بها فرجى فالمرأة الصالحة المعينة ليست من الدنيا فى الحقيقة: قال الشيخ سعدى قدس سره

زن خوب وفرمان بروبارسا كند مرد درويش را بادشا
كراخانه آباد وهمخوا به دوست خدارا برحمت نظر سوى اوست
جومستور باشد زن خوبروى بديدار او در بهشتست شوى