التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً
٤١
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها الذين آمنوا اذكروا الله } بما هو اهله من التهليل والتحميد والتكبير ونحوها. والذكر احضار الشئ فى القلب او فى القول وهو ذكر عن نسيان وهو حال العامة او ادامة الحضور والحفظ وهو حال الخاصة اذ ليس لهم نسيان اصلا وهم عند مذكورهم مطلقا { ذكرا كثيرا } فى جميع الاوقات ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى عموم الامكنة برا وبحرا سهلا وجبلا وفى كل الاحوال حضرا وسفرا صحة وسقما سرا وعلانية قياما وقعودا وعلى الجنوب وفى الطاعة بالاخلاص وسؤال القبول والتوفيق وفى المعصية بالامتناع منها وبالتوبة والاستغفار وفى النعمة بالشكر وفى الشدة بالصبر فانه ليس للذكر حد معلوم كسائر الفرائض ولا لتركه عذر مقبول الا ان يكون المرء مغلوبا على عقله.
واحوال الذاكرين متفاوتة يتفاوت اذكارهم.
فذكر بعضهم بمجرد اللسان بدون فكر مذكوره ومطالعة آثاره بعقله وبدون حضور مذكورة ومكاشفة اطواره بقلبه وبدون انس مذكوره ومشاهدة انواره بروحه وبدون فنائه فى مذكوره ومعاينة اسراره بسره.
وهذا مردود مطلقا.
وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله لكن ليس له الحضور والانس والفناء المذكور وهو ذكر الابرار مقبول بالنسبة الى الاول.
وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب فقط بدون الانس والفناء المذكور وهو ذكر اهل البداية من المقربين مقبول بالنسبة الى ذكر الابرار وما تحته.
وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب والروح والسر جميعا وهو ذكر ارباب النهاية من المقربين من الانبياء والمرسلين والاولياء الا كملين وهو مقبول مطلقا وللارشاد الى هذه الترقيات قال عليه السلام
"ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد ثم قيل يا رسول الله فما جلاؤها قال تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره" فبكثرة الذكر يترقى السالك من مرتبة اللسان الى ما فوقها من المراتب العالية ويصقل مرآة القلب من ظلماتها واكدارها.
ثم ان ذكر الله وان كان يشتمل الصلاة والتلاوة والدراسة ونحوها الا ان افضل الاذكار لا اله الا الله فالاشتغال به منفردا مع الجماعة محافظا على الآداب الظاهرة والباطنة ليس كالاشتغال بغيره [سلمى كويد مراد ازذكر كثير ذكر دلست جه دوام ذكر بزبان ممكن نيست].
وقال بعضهم الامر بالذكر الكثير اشارة الى محبة الله تعالى يعنى احبوا الله لان النبى عليه السلام قال من احب شيئا اكثر من ذكره [نشان دوستى آنست كه نكذارك كه زبان ازذكر دوست يا دل ازفكر او خالى ماند]

درهيج مكان نيم زفكرت خالى در هيج زمان نيم زذ كرت غافل

فاوجب الله محبته بالاشارة فى الذكر الكثير وانما اوجبها بالاشارة دون العبارة الصريحة لان اهل المحبة هم الاحرار عن رق الكونين والحر تكفيه الاشارة وانما لم يصرح بوجوب المحبة لانها مخصوصة بقوم دون سائر الخلق كما قال { { فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه } فعلى هذا بقوله { { فاذكرونى اذكركم } يشير الى احبونى احببكم

بدرياى محبت آشنا باش صدف سان معدن در صفا باش