التفاسير

< >
عرض

إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً
٧٢
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ انا } هذه النون نون العظمة والكبرياء عند العلماء فان الملوك والعظماء يعبرون عن انفسهم بصيغة الجمع ونون الاسماء والصفات عند العرفاء فانها متعددة ومتكثرة { عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال } يقال عرض لى امر كذا اى ظهر وعرضت له الشئ اى اظهرته له وابرزته اليه وعرضت الشئ على البيع وعرض الجند اذا امرّهم عليه ونظر ما حالهم والامانة ضد الخيانة.
والمراد هنا ما ائتمن عليها وهى على ثلاث مراتب.
المرتبة الاولى انها التكاليف الشرعية والامور الدينية المرعية ولذا سميت امانة لانها لازمة الوجود كما ان الامانة لازمة الاداء. وفى الارشاد عبر عن التكاليف الشرعية بالامانة لانها حقوق مرعية اودعها الله المكلفين وائتمنهم عليها واوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وامرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وادائها من غير اخلال بشئ من حقوقها انتهى وتلك الامانة هى العقل اولا فان به يحصل تعلم كل ما فى طوق البشر تعلمه وفعل ما فى طوقهم فعله من الجميل وبه فضل الانسان على كثير من الخلائق ثم التوحيد والايمان باليوم الآخر والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وصدق الحديث وحفظ اللسان من الفضول وحفظ الودائع واشدها كتم الاسرار وقضاء الدين والعدالة في المكيال والميزان والغسل من الجنابة والنية فى الاعمال والطهارة فى الصلاة و تحسين الصلاة فى الخلوة والصبر على البلاء والشكر لدى النعماء والوفاء بالعهود والقيام بالحدود وحفظ الفرج الذى هو اول ما خلق الله من الانسان وقال له هذه امانة استودعتكها والاذن والعين واليد والرجل وحروف التهجى كما نقله الراغب فى المفردات وترك الخيانة فى قليل وكثير لمؤمن ومعاهد وغير ذلك مما أمر به الشرع واوجبه وهى بعينها المواثيق والعهود التى اخذت من الارواح فى عالمها ووضعت امانة فى الجوهر الجمادى صورة المسمى بالحجر الاسود لسيادته بين الجواهر وألقمه الحق تلك المواثيق وهو امين الله لتلك الامانة.
والمرتبة الثانية انها المحبة والعشق والانجذاب الالهى التى هى ثمرة الامانة الاولى ونتيجتها وبها فضل الانسان على الملائكة اذا الملائكة وان حصل لهم المحبة فى الجملة لكن محبتهم ليست بمبنية على المحن والبلايا والتكاليف الشاقة التى تعطى الترقى اذا الترقى ليس إلا للانسان فليس المحنة والبلوى الاله ألا ترى الى قول الحافظ

شب تاريك وبيم موج وكردابى جنين هائل كجا دانند حال ماسبكباران ساحلها

اراد بقوله "شب تاريك" جلال الذات وبقوله "بيم موج" خوف صفات القهر وبقوله "كرداب" درّ دربحر العشق وهى الامتحانات الهائلة والبرازخ المخوفة وبقوله "سبكباران ساحل" الزهاد والملائكة الذين بقوا فى ساحل بحر العشق وهو بر الزهد والطاعة المجردة وهم اهل الامانة الاولى ومن هذا القبيل ايضا قوله>

فرشته عشق نداندكه جيست قصة مخوان بخواه جام كلابى بخاك آدم ريز

وقول المولى الجامى

ملائك را جه سود از حسن طاعت جو فيض عشق بر آدم فرو ريخت

[در لوامع آورده كه آن بو العجى كه عشق را درعالم بشر يتست در مملكت ملكيت نيست كه ايشان سايه برورد لطف وعصمت اند ومحبت بى دردرا قدر وقيمتى نيست عشق را طائفه در خورند كه صفت { { أتجعل فيها من يفسد فيها } سر مايه بازار ايشان وسمت { انه كان ظلوما جهولا } بيرايه روزكار ايشانست ملكى را بينى كه اكر جناحى را بسط كند خافقين را در زير جناح خود آرد اما طاقت حمل اين معنى ندارد وآن بيجاره آدمى زادى را بينى بوستى در استخوانى كشيده بيباك واز شراب بلا در قدح ولا جشيده ودروى تغير نيامده آن جراست زيراكه آن صاحب دلست] والقلب يحمل ما لا يحمل البدن.
والمرتبة الثالثة انها الفيض الالهى بلا واسطة ولهذا سماه بالامانة لانه من صفات الحق تعالى فلا يتملكه احد وهذا الفيض انما يحصل بالخروج عن الحجب الوجودية المشار اليها بالظلومية والجهولية وذلك بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية وهذه المرتبة نتيجة المرتبة الثانية وغايتها فان العشق من مقام المحبة الصفاتية وهذا الفيض والفناء من مقام المحبوبية الذاتية وفى هذا المقام يتولد من القلب طفل خليفة الله فى الارض وهو الحامل للامانة فالمرتبة الاولى للعوام والثانية للخواص والثالثة لا خص الخواص والاولى طريق الثانية وهى طريق الثالثة ولم يجد سر هذه الامانة الا من اتى البيت من الباب وكل وجه ذكره المفسرون فى معنى الامانة حق لكن لما كان فى المرتبة الاولى كان ظرفا ووعاء للامانة ولبه ما فى المرتبة الثانية ولب اللب ما فى المرتبة الثالثة ومن الله الهداية الى هذه المراتب والعناية فى الوصول الى جميع المطالب.
ثم المراد بالسموات والارض والجبال هى انفسها اعيانها واهاليها وذلك لان تخصص الانسان بحمل الامانة يقتضى ان يكون المعروض عليه ما عداه من جميع الموجودات ايامّا كان حيوانا او غيره وانما خص فى مقام الحمل ذلك لأنه اصلب الاجسام واثبتها واقواها كما خص الافلاك فى قوله (لولاك لما خلقت الافلاك) لكونها اعظم الاجسام ولهذا السر لم يقل فابوا ان يحملوها بواو العقلاء.
فان قلت ما ذكر من السموات وغيرها جمادات والجمادات لاادراك لها فما معنى عرض الامانة عليها.
قلت للعلماء فيه قولان.
الاول انه محمول على الحقيقة وهو الانسب بمذهب اهل السنة لانهم لا يؤولون امثال هذا بل يحملونها على حقيقتها خلافا للمعتزلة.
وعلى تقدير الحقيقة فيه وجهان احدهما ادق من الآخر.
الاول ان للجمادات حياة حقانية دل عليها كثير من الايات نحو قوله
{ { ألم تر ان الله يسجد له من فى السموات ومن فى الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب } وقوله { { ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين } وقوله { { وان منها لما يهبط من خشية الله } وقوله { { وان من شئ الا يسبح بحمده وقوله كل قد علم صلاته وتسبيحه
} قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والامر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والامر عندنا ليس كذلك بل سره الحياة سارٍ فى جميع العالم وقد ورد (ان كل شى سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له) ولا يشهد الا من علم وقد اخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها واسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلى انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله ولولا ما عنده من معرفة العظمة لما تدكدك انتهى.
ومثله ما روينا ان حضرة شيخنا وسندنا روح الله روحه ووالى فى البرزخ فتوحه دعا مرة من عنده للافطار فجلسنا له وبين يديه ماء وكعك مبلول وكان لا يأكل فى اواخر عمره الا الكعك المجرد فقال اثناء الافطار ان لهذا الخبز روحا حقانيا فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا: وفى المثنوى

علم وحكمت زايد از لقمه حلال عشق ورقت آيد ازلقمه حلال

ثم قال ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى غير روحه الحيوانى الذى فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو انطقه لنطق فنطقه انما هو لروحه وقد جاء ان كل شئ يسبح بحمده حجرا او شجرا او غير ذلك وما هو الا لسريان الحياة فيه حقيقة ولذا سبح الجبال مع داود وحمل الريح سليمان عليه السلام وجذبت الارض قارون وحن الجذع فى المسجد النبوى وسلم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا لا يحصى: وفى المثنوى

جون شماسوى جمادى مى رويد محرم جان جمادان جون شويد
از جمادى عالم جانها رويد غلغل اجزاى عالم بشنويد
جون ندارد جان توقنديلها بهر بينش كرده تأويلها

والوجه الثانى ان الله تعالى ركب العقل والفهم فى الجمادات المذكورة عند عرض الامانة كما ركب العقل وقبول الخطاب فى النملة السليمانية والهدهد وغيرهما من الطيور والوحوش والسباغ بل وفى الحجر والشجر والتراب فهن بهذا العقل والادراك سمعن الخطاب انطقهن الله بالجواب حيث قال لهن أتحملن هذه الامانة على ان يكون لكنّ الثواب والنعيم فى الحفظ والاداء والعقاب والجحيم فى الغدر والخيانة { فابين ان يحملنها } الاباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء { واشفقن منها } قال فى المفردات الاشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه فاذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه اظهر واذا عدى بعلى فمعنى العناية فيه اظهر كما قال فى تاج المصادر [الاشفاق: ترسيدن ومهربانى كردن] ويعدى بعلى واصلهما واحد. والمعنى وخفن من الامانة وحملها وقلن يا رب نحن مسخرات بامرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ولم يكن هذا القول منهن من جهة المعصية والمخالفة بل من جهة الخوف والخشية من ان لا يؤدين حقوقها ويقعن فى العذاب ولو كان لهن استعداد ومعرفة بسعة الرحمة واعتماد على الله لما ابين وكان العرض عرض تخيير لا عرض الزام وايجاب لان المخالفة والاباء عن التكليف الواجب يوجب المقت والسقوط عن درجة الكمال ولم يذكر تعالى توبيخا على الاباء ولا عقوبة.
والقول الثانى انه محمول على الفرض والتمثيل فعبر عن اعتبار الامانة بالنسبة الى استعدادهن بالعرض عليهن لاظهار مزيد الاعتناء بامرها والرغبة فى قبولهن لها وعن عدم استعدادهن لقبولها بالاباء والاشفاق منها لتهويل امرها ومزيد فخامتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الاجسام الثقيلة التى يستعمل فيها القوى الجسمانية التى هى اشدها واعظمها ما فيهن من القوة والشدة فالمعنى ان تلك الامانة فى عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الاجرام العظام التى هى مثل فى الشدة والقوة مراعاتها وكانت ذات شهود وادراك لا بين قبولها واشفقن منها ولكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق روما لزيادة تحقيق المعنى المقصود بالتمثيل وتوضيحه { وحملها الانسان } عند عرضها عليه كما قال الامام القشيرى [امانتها برانها عرض نمود وبرانسان فرض نمود آنجا كه عرض بود سرباز زدند واينجا كه فرض بود در معرض حمل آمدند] والمراد بالانسان الجنس بدليل قوله { انه كان ظلوما جهولا } اى تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة لان الحمل انما يكون بالهمة لا بالقوة.
قال فى الارشاد وهو اما عبارة عن قبولها بموجب استعداده الفطرى او عن اعترافه يوم الميثاق بقوله بلى ولما حملها قال الله تعالى
{ { وحملناهم فى البر والبحر هل جزاء الاحسان الا الاحسان } [واين را در ظاهر مثالى هست درختانى كه اصل ايشان محكم ترست وشاخ ايشان بيشتربار ايشان خردتر وسبكترباز درختانى كه ضعيف ترند وسست تر بارايشان شكرف تراست وبزركترجون خربزه وكدو ومانند آن ليكن اينجا لطيفه ايست آن درخت كه باراو شكرف تراست وبزركتر طاقت كشيدن آن ندارد اورا كفتند بار كران از كردن خويش برفرق زمين نه تاعالميان بدانندكه هركجا ضعيفى است مربئ او لطف حضرت عزت است اينست سر] { { وحملناهم فى البر والبحر } فالانسان اختص بالعشق وقبول الفيض بلا واسطة وحمله من سائر المخلوقات لا ختصاصه باصابة رشاش النور الالهى وكل روح اصابه رشاش نور الله صار مستعدا لقبول الفيض الالهى بلا واسطة وكان عرض العشق والفيض عاما على المخلوقات وحمله خاصا بالانسان لان نسبة الانسان مع المخلوقات كنسبة القلب مع الشخص فالعالم شخص وقلبه الانسان فكما ان عرض الروح عام على الشخص الانسانى وقبوله وحمله مخصوص بالقلب بلا واسطة ثم من القلب بواسطة العروق الممتدة يصل عكس الروح الى جميع الاعضاء فيكون متحركا به كذلك عرض العشق والفيض الالهى عام لاحتياج الموجودات الى الفيض وقبوله وحمله خاص بالانسان ومنه يصل عكسه الى سائر المخلوقات ملكها وملكوتها فاما الى ملكها وهو ظاهر الكون اعنى الدنيا فيصل الفيض اليه بواسطة صورة الانسان من صنائعه الشريفة وحرفه اللطيفة التى بها العالم معمور ومزين واما الى ملكوتها وهو بامركن باطن الكون اعنى الآخرة فيصل الفيض اليها بواسطة روح الانسان وهو اول شئ تعلقت به القدرة فيتعلق الفيض الالهى من امركن اولا بالروح الانسانى ثم يفيض منه الى عالم الملكوت فظاهر العالم وباطنه معمور بظاهر الانسان وباطنه وهذا سر الخلافة المخصوصة بالانسان.
وقال بعضهم المراد بالانسان آدم.
وقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال مثلت الامانة كالصخرة المقاة ودعيت السماوات والارض والجبال اليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير ان دعى وحرك الصخرة وقال لو امرت بحملها لحملتها فقلن له احمل فحملها الى ركبتيه ثم وضعها وقال لو اردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها الى حقوه ثم وضعها وقال لو اردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها حتى وضعت على عاتقه فاراد ان يضعها فقال الله مكانك فانها فى عنقك وعنق ذريتك الى يوم القيامة

آسمان بارامانت نتوانست كشيد قرعه فال بنام من ديوانه زدند

وفى كشف الاسرار [جون آسمان وزمين وكوهها بترسيدند ازبذيرفتن امانت وباز نشستند ازبرداشتن آن رب العزة آدم را كفت (انى عرضت الامانة على السموات والارض والجبال فلم يطقنها وانت آخذها بما فيها قال يا رب وما فيها قال ان احسنت جوزيت وان اسأت عوقبت قال بين اذنى وعاتقى) يعنى آدم بطاعت وخدمت بنده واردر آمد وكفت برداشتم ميان كوش ودوش خويش رب العالمين كيف اكنون كه برداشت ترادران معونت وقوت دهم] اجعل لبصرك حجابا فاذا خشيت ان تنظر الى ما لا يحل لك فارخ حجابه واجعل للسانك لحيين وغلقا فاذا خشيت ان تتكلم بما لا يحل فاغلقه واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك.
شيخ جنيد قدس سره [فرموده كه نظر آدم برعرض حق بود نه برامانت لذت عرض ثقل امانت را بروفراموش كردانيد لا جرم لطف ربانى بزبان عنايت فرموده كه برداشتن ازتو ونكاه داشتن ازمن جون تو بطوع بارمرا برداشتى من هم ازميان همه تر برداشتم] { وحملناهم فى البر والبحر } ـ وروى ـ ان آدم عليه السلام قال احمل الامانة بقوتى ام بالحق فقيل من يحملها يحمل بنا فان ما هو منا لا يحمل الا بنا فحلمها

راه اورا بدو توان بيمود بار اورا بدو توان برداشت

قال بعضهم

آن باركه ازبردن آن عرش اباكرد باقوت او حامل آن بارتوان بود

ـ القصة ـ [خلعت حمل امانت جز برقامت بااستقامت انسان كه منشور { { انى جاعل فى الارض خليفة } اوبرنام نامى نوشته اند راست نيامد وجون كارى بدين عظمت وفهمى بدين ابهت نامزد اوشد جهت دفع جشم زخم حسود آن شياطين كه دشمن ديرينه اند سبند { انه كان ظلوما جهولا } برآتش غيرت افكندند تاكورشود هر آنكه نتواندديد] كما قال { انه } اى الانسان { كان ظلوما } لنفسه بمعصية ربه حيث لم يف بالامانة ولم يراع حقها { جهولا } بكنه عاقبتها يعنى [نادان بعقوبت خيانت اكر واقع شود] والظلم وضع الشئ فى غير موضعه المختص به اما بنقصان او بزيادة واما بعدول عن وقته او مكانه ومن هذا ظلمت السقاء اذا تناولته فى غير وقته ويسمى ذلك اللبن الظلم وظلمت الارض اذا حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الارض يقال لها المظلومة والتراب الذى يخرج منها ظليم والظلم يقال فى مجاوزة الحد الذى يجرى مجرى النقطة فى الدائرة ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز ولذا يستعمل فى الذنب الصغير والكبير ولذا قيل لآدم فى تقدمه ظالم وفى ابليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد.
قال بعض الحكماء الظلم ثلاثة. احدها بين الانسان وبين الله واعظمه الكفر والشرك والنفاق. والثانى ظلم بينه وبين الناس. والثالث ظلم بينه وبين نفسه وهذه الثلاثة فى الحقيقة للنفس فان الانسان اول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه

اول بظالمان اثر ظلم ميرسد بيش ازهدف هميشه كمان تارميكند

والجهل خلو النفس من العلم وهو على قسمين ضعيف وهو الجهل البسيط وقوى وهو الجهل المركب الذى لا يدرى صاحبه انه لا يدرى فيكون محروما من التعلم ولذا كان قويا
قال فى الارشاد وقوله انه الخ اعتراض وسط بين الحمل وغايته للايذان من اول الامر بعدم وفائه بما عهده وتحمله اى انه كان مفرطا فى الظلم مبالغا فى الجهل اى بحسب غالب افراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة او عهودهم يوم الارواح دون من عداهم من الذين لم يبدلوا فطرة الله وجروا على ما اعترفوا بقولهم بلى.
وقال بعضهم الانسان ظلوم وجهول اى من شأنه الظلم والجهل كما يقال الماء طهور اى من شأنه الطهارة.
واعلم ان الظلومية والجهولية صفتا ذم عند اهل الظاهر لانهما فى حق الخائنين فى الامانة فمن وضع الغدر والخيانة موضع الوفاء والاداء فقد ظلم وجهل.
قال فى كشف الاسرار [عادت خلق آنست كه جون امانتى عزيز بنزديك كسى نهند مهرى بروى نهند وآن روز كه باز خواهند مهررا مطالعت كنندا اكر مهر برجاى بود اورا ثناها كويند امانتى بنزديك تونهادند از عهد ربوبيت
{ { ألست بربكم } ومهرى كه بروى نهادند جون عمر بآخر رسد وترا بمنزل خاك برند آن فرشته در آيد وكويد "من ربك" آن مطالعت كه ميكند تامهرروز اول برجاى هست يانه] قال الحافظ

از دم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود

وقال اهل الحقيقة هما صفتا مدح اى فى حق مؤدى الامانة فان الانسان ظلم نفسه بحمل الامانة لانه وضع شيئا فى غير موضعه فافنى نفسه وازال حجبها الوجودية وهى المعروفة بالانانية وجهل ربه فانه فى اول الامر يحب هذه البهيمية التى تأكل وتشرب وتنكح وتحمل الذكورية والانوثية اللتين اشترك فيهما جميع الحيوانات وما يدرى ان هذه الصورة الحيوانية قشر وله لب هو محبوب الحق الذى قال { { يحبهم } وهو محب الحق الذى قال { { يحبونه } فاذا عبر عن قشر جسمانية الظلمانية ووصل على لب روحانية النورانية.
ثم علم ان هذا اللب النورانى ايضا قشر فان النبى صلى الله عليه وسلم قال
"ان لله سبعين الف حجاب من نور وظلمة" فعبر عن القشر الروحانى ايضا ووصل الى لبه الذى هو محبوب الحق ومحبه فقد عرف نفسه واذا عرف نفسه فقد عرف ربه بتوحيد لاشرك فيه وجهل ما سوى الله تعالى بالكلية وايضا ان الجهول هوالعالم لان نهاية العلم هو الاعتراف بالجهل فى باب المعرفة والعجز عن درك الادراك ادراك قال المولى الجامى قدس سره

غير انسان كسش نكرد قبول زانكه انسان ظلوم بود وجهول
ظلم او آنكه هستئ خود را ساخت فانى بقاى سرمدرا
جهل اوآنكه هرجه جزحق بود صورت آن زلوح دل نزدود
نيك ظلمى كه عين معدلتست نغز جهلى كه مغز معرفتست
اى نكرده دل از علائق صاف مزن از دانش خلائق لاف
زانكه در عالم خدا دانى جهل علمست علم نا دانى

فلو لم يكن للانسان قوة هذه الظلومية والجهولية لما حمل الامانة وبهذا الاعتبار صح تعليل الحمل بهما وقال بعض اهل التفسير وتبعهم صاحب القاموس ان الوصف بالظلومية والجهولية انما يليق بمن خان فى الامانة وقصر عن حقها لا بمن يتحملها ويقبلها فمعنى حملها الانسان اى خانها والانسان الكافر والمنافق من قولك فلان حامل للامانة ومحتمل لها بمعنى انه لا يؤديها الى صاحبها حتى تزول عن ذمته ويخرج من عهدتها بجعل الامانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها كما يقال ركبته الديون فما يحمل اذا كناية عن الخيانة والتضيع والمعنى انا عرضنا الطاعة على هذه الاجرام العظام فانقادت لامر الله انقيادا يصح من الجمادات واطاعت له اطاعة تليق بها حيث لم تمتنع عن مشيئة وارادته ايجادا وتكوينا وتسوية على هيآت مختلفة واشكال متنوعة كما قال { { اتينا طائعين } والانسان مع حياته وكمال عقله وصلاحه للتكليف لم يكن حاله فيما يصح منه ويليق به من الانقياد لا وامر الله ونواهيه مثل حال تلك الجمادات بل مال الى ان يكون محتملا لتلك الامانة مؤديا اياها ومن ثم وصف بالظلم حيث ترك اداء الامانة وبالجهل حيث اخطأ طريق السعادة ففى هذا التمثيل تشبيه انقياد تلك الاجرام لمشيئة الله ايجادا وتكوينا بحال مأمور مطيع لا يتوقف عن الامتثال فالحمل فى هذا مجاز وفى التمثيل السابق على حقيقته وليس فى هذا المعنى حذف المعطوف مع حرف العطف بخلافه فى محل الحمل على التحمل فان المراد حينئذ وحملها الانسان ثم غدر بالحمل حتى يصح التعليل بقوله انه كان الخ فاعرف هذا المقام والقول ما قالت حذام.
قال فى الاسئلة المقحمة كيف عرض الامانة عليه ما علمه بحاله من كونه ظلوما جهولا والجواب هذا سؤال طويل الذيل فانه تعالى قد بعث الرسل مبشرين ومنذرين الى جميع الخلق ليدعوهم الى الايمان مع علمه السابق بان يؤمن بعضهم ويكفر بعضهم والخطاب عم الكل مع علمه باختلاف احوالهم فى الايمان والكفر فهذا من قبيله وسبيله فانه مالك الاعيان والآثار على الاطلاق.
وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ظلوما بحق الامانة جهولا بما يفعل من الخيانة يعنى لم تكن الخيانة عن عمد وقصد بل كانت عن جهل وسهو كما قال
{ { فنسى ولم نجد له عزما } والسهو والنسيان مغفور والجهل فى بعض المواضع معذور الهنا اصنع بنا ما انت اهله ولا تصنع بنا ما نحن اهله: قال الشيخ سعدى قدس سره

بر در كعبه سائلى ديدم كه همى كفت ميكرستى خوش
من نكويم كه طاعتم ببذير قلم عفو بركناهم كش