التفاسير

< >
عرض

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ
٣٧
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وهم } اى الكفار { يصطرخون فيها } يستغيثون: وبالفارسية [فرياد ميخواهند در دوزخ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن] لجهر المستغيث صوته { ربنا } باضمار القول يقولون ربنا { اخرجنا } من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا { نعمل صالحا } [عمل بسنديده] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الاعمال مبنى على الايمان { غير الذى كنا نعمل } قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه اذا كان هوى وطبعا ومخالفة: يعنى [اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار مادردنيا شايسته نبود] { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [والتعمير: زندكانى دادن] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [والتذكر: بندكرفتن] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثانى مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [آيا زند كانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شمارا آن مقدار بند كيريد ودران عمر هركه خواهد كه بند كيرد] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه واصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة اعظم يعنى اذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثمانى عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة اشد من الاول وفى الحديث "اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة" اى ازال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث امهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام "اعمار امتى ما بين الستين الى السبعين" واقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث "ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة ابناء الاربعين زرع قد دنا حصاده وابناء الستين ما قدمتم وما عملتم وابناء السبعين هلموا الى الحساب"
وكان الشيخ عبد القادر الكيلانى قدس سره اذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولانسيناك لما نسيتنا انت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لا نسنا. وكان اذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبر سنك وتمرد جنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت الينا قبلناك

دل زدنيا زودتر كردد جوانا نرا خنك كهنكى از سردئ آبست مانع كوزه را

وكان جماعة من الصحابة ومن بعدهم اذا بلغ اربعين سنة او رأى شيبا بالغ فى الاجتهاد وطوى الفراش واقبل على قيام الليل واقل معاشرة الناس ولا فرق فى ذلك بين الاربعين فما دونها لان الاجل مكتوم لا يدرى متى يحل ايقظنا الله واياكم من رقدة الغافلين { وجاءكم النذير } عطف على الجملة الاستفهامية لانها فى معنى قد عمرناكم من حيث ان همزة الانكار اذا دخلت على حرف النفى افادت التقرير كما فى قوله تعالى { { ألم نشرح لك صدرك ووضعنا } الخ لانه فى معنى قد شرحنا الخ.
والمراد بالنذير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الجمهور او ما معه من القرآن او العقل فانه فارق بين الخير والشر او موت الاقارب والجيران والاخوان او الشيب وفيه ان مجيئ الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله.
قال الكاشفى [واكثر علما برآنند كه مراد از نذير شيب است جه زمان شيب فرو نشاننده شعله حياتست وموسم بيرى زنك فزاينده آيينه ذات]

نوبت بيرى جو زند كوس درد دل شود ازخو شدلى وعيش فرد
درتن واندام در آيد شكست لرزه كند باى زسستى جودست
موى سفيد از اجل آرد بيام بشت خم ازمرك رساند سلام

قيل اول من شاب من ولد آدم عليه السلام ابراهيم الخليل عليه السلام فقال ما هذا يا رب قال هذا وقار فى الدنيا ونور فى الآخرة فقال رب زدنى من نورك ووقارك وفى الحديث "ان الله يبغض الشيخ الغربيب" اى الذى لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة.
وقال فى الكواشى يجوز ان يراد بالنذير كل ما يوزن بالانتقال فلا بد من التنبه عند مجيئه ولذا قال اهل الاصول الصحيح من قولى محمد ان الحج يجب موسعا يحل فيه التأخيرالا اذا غلب على ظنه انه اذا اخر يفوت فاذا مات قبل ان يحج فان كان الموت فجأة لم يلحقه اثم وان كان بعد ظهور امارات يشهد قلبه بانه لواخر يفوت لم يحل له التأخير ويصير مضيقا عليه لقيام الدليل فان العمل بدليل القلب اوجب عند عدم دلالته [در موضح آورده كه جون دوزخيان استغاثه كنند وبفرياد آيند وكويند خدايا مارا بدنيا فرست تا عمل خير كنيم بمقدار زمان دنيا از اول ابداع تا آخر انقطاع فرياد كنند تا حق سبحانه وتعالى جواب فرمايد كه زندكانى دادم شمارا ونذير فرستادم بشما كويند بلا زند كانى يافتيم ونذيررا ديديم خداى تعالى فرمايد] { فذوقوا } [بس بجشيد عذاب دوزخ فالفاء لترتيب الامر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجيئ النذير { فما } الفاء للتعليل { للظالمين } على انفسهم بالكفر والشرك { من نصير } يدفع العذاب عنهم.
وفيه اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا نائمين ولذا لم يذوقوا الالم فلما ماتوا وبعثوا وتيقظوا تيقظا تاما ذاقوا العذاب وادركوه]