التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤١
-فاطر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الله يمسك السموات والارض } اى يحفظهما بقدرته فان الامساك ضد الارسال وهو التعلق بالشئ وحفظه { ان تزولا } الزوال الذهاب وهو يقال فى كل شئ قد كان ثابتا قبل اى كراهة زوالهما عن اماكنهما فان الممكن حال بقائه لا بدله من حافظ فعلى هذا يكون مفعولا له او يمنعها من ان تزولا لان الامساك منع يقال امسكت عنه كذا اى منعته فعلى هذا يكون مفعولا به { ولئن زالتا } اى والله لئن زالت السموات والارض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة { ان } نافية اى ما { امسكهما } [نكاه ندارد ايشانرا] اى ما قدر على اعادتهما الى مكانهما { من احد } [هيج يكى] ومن مزيدة لتأكيد نفى الامساك عن كل احد { من بعده } من للابتداء اى من بعد امساكه تعالى او من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط { انه } سبحانه { كان حليما } غير معاجل بالعقوبة التى تستوجبها جنايات الكفار حيث امسكهما وكانتا جديرتين بان تهدّا هدّا لعظم كلمة الشرك { غفورا } لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية.
والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما فى المفردات.
والفرق بين الحليم والصبور ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار.
قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيئ ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم.
وفى شرح الاسماء للامام الغزالىرحمه الله تعالى الحليم هو الذى يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الامر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مغ غاية الاقتدار عجلة وطيش.
فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالاحسان فانه من كمالات الانسان

بدى را بدى سهل باشد جزا اكر مردى احسن الى من اساء

ـ روى ـ عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبى عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ واشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج. ولعل سره ان السموات والارض اشارة الى الارواح والاجساد فكما ان الله تعالى يحفظ عالم الصورة من اوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو انموذجه وهو عالم الانسان. وايضا ان الجانى وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما.
واعلم ان التوحيد سبب لنظام العالم بأسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الارض الله الله اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه اذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الامر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه اذا يكون كجسد بلا روح والروح اذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد.
ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والارض وامساكهما عن الزوال والذهاب ان الانسان الكامل من حيث انه خليفة الله هو العماد المعنوى فيه يحفظ الله عالم الارواح والاجسام.
وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل اقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا ـ يروى ـ ان آخر مولود فى النوع الانسانى يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى الله فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه الله وقبض مؤمنى زمانه بقى من بقى مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الامر الى الآخرة

مدار نظم امور جهان انسانست جميع اهل جهان جسم وجان انسانست
فناى عالم صورت برحلتش مربوط مقام بود سما اوت كرد بارض هبوط