التفاسير

< >
عرض

قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٨
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ قالوا } لما ضاقت عليهم الحيل ولم يبق لهم علل { انا تطيرنا بكم } اصل التطير التفاؤل بالطير فانهم يزعمون ان الطائر السانح سبب للخير والبارح سبب الشر كما سبق فى النمل ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به والمعنى انا تشاء منا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث كانوا يتيمنون بكل ما يوافق شهواتهم ان كان مستجلبا لكل شر ووبال ويتشاءمون بكل ما لا يوافقها وان كان مستتبعا لسعادة الدارين.
وقال النقشبندى قد تشاء منا بقدومكم اذا منذ قدمتم الى ديارنا ما نزل القطر علينا وما اصابنا هذا الشر الا من قبلكم اخرجوا من بيننا وارجعوا الى اوطانكم سالمين وانتهوا عن دعوتكم ولا تتفوهوا بها بعد. وكان عليه السلام يحب التفاؤل ويكره التطير والفرق بينهما ان الفأل انما هو من طريق حسن الظن بالله والتطير انما هو من طريق الاتكال على شئ سواه وفى الخبر
"لما توجه النبى عليه السلام نحو المدينة لقى بريدة بن اسلم فقال من انت يا فتى قال بريدة فالتفت عليه السلام الى ابى بكر فقال برد امرنا وصلح اى سهل ومنه قوله الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة ثم قال عليه السلام ابن من انت يا فتى قال ابن اسلم فقال عليه السلام لابى بكر رضى الله عنه سلمنا من كيدهم"
وفى الفقه لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند البعض وفى الحديث "ليس عبد الا سيدخل فى قلبه الطيرة فاذا احس بذلك فليقل انا عبد الله ما شاء الله لا قوة الا بالله لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله اشهد ان الله على كل شئ قدير ثم يمضى بوجهه" يعنى يمضى مارّا بوجهه اى بجهة وجهه فعدى يمضى بالباء لتضمين معنى المرور قالوا من تطيرنا تطيرا منهيا عنه حتى منعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه كما فى عقد الدر { لئن لم تنتهوا } والله لئن لم تمتنعوا عن مقالتكم هذه ولم تسكتوا عنا: وبالفارسية [واكر نه باز ايستيد ازدعواى خود] { لنرجمنكم } [الرجم: سنكسار كردن] اى لنرمينكم بالحجارة { وليمسنكم منا عذاب اليم } [وبشما رسد ازما عذابى دردنماى] اى لا نكفى برجمكم بحجر او حجرين بل نديم ذلك عليكم الى الموت وهو العذاب الاليم او ليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب مؤلم. وفسر بعضهم الرجم بالشتم فيكون المعنى لا نكتفى بالشتم بل يكون شتمنا مؤديا الى الضرب والايلام الحسى ـ حكى ـ ان دباغا مر بسوق العطارين فغشى عليه وسقط فاجتمع عليه اهل السوق وعالجوه بكل ما يمكن من الاشياء العطرة فلم يفق بل اشتد عليه الحال ولم يدر احد من اين صار مصروعا ثم اخبر اقرباؤه بذلك فجاء اخوه وفى كمه شئ من نجاسة الكلب فسحقه حتى اذا وصلت رائحته الى شمه افاق وقام وهكذا حال الكفار كما قال جلال الدين قدس سره فى المثنوى

ناصحان او را بعنبر يا كلاب مى دوا سازند بهر فتح باب
مر خبيثانرا نشايد طيبات در خورو لايق نباشد اى ثقات
جون زعطر وحى كم كشتندوكم بدفغان شان كه تطيرنا بكم
رنج وبيماريست مارا زين مقال نيست نيكو وعظتان مارا بفال
كربيا غازيد نصحى آشكار ماكنيم آن دم شمارا سنكسار
ما بلغوا ولهو فربه كشته ايم در نصيحت خويش را نسرشته ايم
هست قوت مادروغ ولاف ولاغ شورش معده است مارا زين بلاغ
هركرا مشك نصيحت سودنيست لا جرم بابوى بدخو كردنيست
مشر كانرا ازان نجس خواندست حق كاندرون بشك زادند از سبق
كرم كوزادست در سركين ابد مى نكرداند بعنبر خوى خود