التفاسير

< >
عرض

وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ
٤٢
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ وخلقنا لهم من مثله } مما يماثل الفلك { ما يركبون } من الابل فانها سفائن البر فتعريف الفلك للجنس لان المقصود من الآية الاحتجاج على اهل مكة ببيان صحة البعث وامكانه. استدل عليه اولا باحياء الارض الميتة وجعلها سببا لتعيشهم. ثم استدل عليه بتسخير الرياح والبحار والسفن الجارية فيها على وجهه يتوسلون بها الى تجارات البحر ويستحصبون من يهمهم حمله من النساء والصبيان كما قال تعالى { { وحملناكم فى البر والبحر } }. وقيل تعريفه للعهد الخارجى والمراد فلك نوح عليه السلام المذكور فى قوله { { واصنع الفلك باعيننا ووحينا } فيكون المعنى انا حملنا ذريتهم اى اولاده الى يوم القيامة فى ذلك الفلك المشحون منهم ومن سائر الحيوانات التى لا تعيش فى الماء ولولا ذلك لما بقى للآدمى نسل ولا عقب وخلقنا لهم من مثله اى مما يماثل ذلك الفلك فى صورته وشكله من السفن والزوارق: وبالفارسية [جون زورق وصندل وناو].
فان قلت فعلى هذا لم لم يقل حملناهم وذريتهم مع ان انفسهم محمولون ايضا.
قلت اشارة الى ان نعمة التخليص عامة لهم ولاولادهم الى يوم القيامة ولو قيل حملناهم لكان امتنانا بمجرد تخليص انفسهم من الغرق وجعل السفن مخلوقة لله تعالى مع كونها من مصنوعات العباد ليس لمجرد كونها صنعتهم باقدار الله تعالى والهامه بل لمزيد اختصاص اهلها بقدرته تعالى وحكمته حسبما يعرب عنه قوله تعالى
{ { واصنع الفلك باعيننا ووحينا } والتعبير عن ملابستهم بهذه السفن بالركوب لانها باختيارهم كما ان التعبير عن ملابسة ذريتهم بفلك نوح بالحمل لكونها بغير شعور منهم واختيار واما قوله تعالى فى سورة المؤمنين { { وعليها وعلى الفلك تحملون } فبطريق التغليب وجعل بعضهم المعنى الثانى اظهر لانه اذا اريد بمثل الفلك الابل لكان قوله { وخلقناهم } الخ فاضلا بين متصلين لان قوله { وان نشأ نغرقهم } متصل بالفلك واعتذر عنه فى الارشاد بان حديث خلق الابل فى خلال الآية بطريق الاستطراد لكمال التماثل بين الابل والفلك فكأنها نوع منه.
وقيل المراد بالذرية الآباء والاجداد فان الذرية تطلق على الاصول والفروع لانها من الذرء بمعنى الخلق فيصلح الاسم للاصل والنسل لان بعضهم خلق من بعض فالآباء ذريتهم لان منهم ذرأ الابناء. وفيه ان الذرية فى اللغة لم تقع الا على الاولاد وعلى النساء كما ذكر اللهم الا ان يراد ذرية ابيهم ادم عليه السلام وهم الاصول والفروع الى قيام الساعة والعلم عند الله تعالى [كفتند سه جيزر الله تعالى راند بكمال قدرت خويش شتران در صحرا وميغ در هوا وكشتى در دريا] وفهم من الامتنان بالحمل جواز ركوب البحر الا من دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء فانه لا يجوز ركوبه حينئذ لانه من الالقاء الى التهلكة كما فى شرح حزب البحر للشيخ الزروقى قدس سره