التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٤٥
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا قيل لهم } اى لكفار مكة بطريق الانذار: وبالفارسية [وجون كفته شود مر كافرا نراكه] { اتقوا } [بترسيد] { ما بين ايديكم } اى العقوبات النازلة على الامم الماضية الذين كذبوا رسلهم واحذروامن ان ينزل بكم مثلها ان لم تؤمنوا جعلت الوقائع الماضية باعتبار تقدمها عليهم كأنها بين ايديهم { وما خلفكم } من العذاب المعد لكم فى الآخرة بعد هلاككم جعلت احوال الآخرة باعتبار انها تكون بعد هلاكهم كأنها خلفهم او ما بين ايديكم من امر الآخرة فاعملوا لها وما خلفكم من الدنيا فلا تغتروا بها وقيل غير ذلك وما قدمناه اولى لان الله خوف الكفار فى القرآن بشيئين احدهما العقوبات النازلة على الامم الماضية والثانى عذاب الآخرة { لعلكم ترحمون } اما حال من واو اتقوا اى راجين ان ترحموا او غاية لهم اى كى ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة الله وجواب اذا محذوف اى اعرضوا عن الموعظة حسبما اعتادوه وتمرنوا عليه وزادوا مكابرة وعنادا كما دلت عليه الآية الثانية

كسى را كه بندار درسر بود مبندار هركز كه حق بشنود
زعلمش ملال آيد ازو عظ ننك شقايق بباران نرويد زسنك

وفى التأويلات النجمية { واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم } اى احذروا من الدنيا وما فيها من شهواتها ولذائذها { وما خلفكم } من الآخرة وما فيها من نعيمها وحورها وقصورها واشجارها واثمارها وانهارها وفيها ما تشتهى الانفس وتلذك الاعين منها { لعلكم ترحمون } بمشاهدة الجمال ومكاشفة الجلال وكمالات الوصال.
وقال بعضهم { اتقوا ما بين ايديكم } من احوال القيامة الكبرى { وما خلفكم } من احوال القيامة الصغرى فان الاولى تأتى من جهة الحق والثانية تأتى من جهة النفس بالفناء فى الله وبالتجرد عن الهيآت البدنية فى الثانية والنجاة منها والرحمة هى الخلاص من الغضب بالكلية فانه ما دامت فى النفس بقية فالعبد لا يخلو عن غضب وحجاب وتشديد بلاء وعذاب