التفاسير

< >
عرض

لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٧٠
-يس

روح البيان في تفسير القرآن

{ لينذر } اى القرآن متعلق بقوله وقرآن او بمحذوف دل عليه قوله الا ذكر وقرآن اى الا ذكر انزل ليندر ويخوف { من كان حيا } اى عاقلا فهيما يميز المصلحة من المفسدة ويستخدم قلبه فيما خلق له ولا يضيعه فيما لا يعنيه فان الغافل بمنزلة الميت وجعل العقل والفهم للقلب بمنزلة الحياة للبدن من حيث ان منافع القلب منوطة بالعقل كما ان منافع البدن منوطة بالحياة.
وفيه اشارة الى ان كل قلب تكون حياته بنور الله وروح منه يفيده الانذار ويتأثر به وامارة تأثره الاعراض عن الدنيا والاقبال على الآخرة والمولى.
وقال بعضهم من كان حيا اى مؤمنا فى علم الله فان الحياة الابدية بالايمان يعنى ان ايمان من كان مؤمنا فى علم الله بمنزلة الحياة للبدن لكونه سببا للحياة الابدية.
قال ابن عطاء من كان فى علم الله حيا احياه الله بالنظر اليه والفهم عنه والسماع منه والسلام عليه.
وقال الجنيد الحى من كان حياته بحياة خالقه لا من تكون حياته ببقاء نفسه ومن كان بقاؤه ببقاء نفسه فانه ميت فى وقت حياته ومن كان حياته بربه كان حقيقة حياته عند وفاته لانه يصل بذلك الى رتبة الحياة الاصلية وتخصيص الانذار بمن كان حى القلب مع انه عام له ولمن كان ميت القلب لانه المنتفع به { ويحق القول } اى يجب كلمة العذاب وهو
{ { لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين } { على الكافرين } المصرين على الكفر لانه اذا انتفت الريبة الا المعاندة فيحق القول عليهم وفى ايرادهم بمقابلة من كان حيا اشعار بانهم لخلوهم عن آثار الحياة واحكامها التى هى المعرفة اموات فى الحقيقة كالجنين ما لم ينفخ ما لم ينفخ فيه الروح فالمعرفة تؤدى الى الايمان والاسلام والاحسان التى لا يموت اهلها بل ينتقل من مكان الى مكان.
قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى اول الامر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الالهى والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما اشار اليه المولوى فى قوله

فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت لم يقل انا اليه راجعون

ثم ان الانذار صفة النبى عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء الخطاب ثم صفة وارثه الا كمل الذى هو على بصيرة من امره.
قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الاربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب اذا كان لوجه الله تعالى ولكن لا يحصل الترقى قدرذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الازلى بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالانذار اذ الباز الاشهب انما يصيد الصيد الحى فنسأل الله الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة