التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ
١٢٦
-الصافات

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله ربكم ورب آبائكم الاولين } بالنصب على البدلية من احسن الخالقين والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم للاشعار ببطلان آرائهم ايضا. ثم ان الخلق حقيقة فى الاختراع والانشاء والابداع ويستعمل ايضا بمعنى التقدير والتصوير وهو المراد به ههنا لان الخلق بمعنى الاختراع لا يتصور من غير الله حتى يكون هو احسنهم كما قال الراغب.
ان قيل قوله { فتبارك الله احسن الخالقين } يدل على انه يصح ان يوصف غيره بالخلق.
قيل ذلك معناه احسن المقدرين او يكون على تقدير ما كانوا يعبدون ويزعمون ان غير الله يبدع فكأنه قيل وهب ان ههنا مبدعين وموجدين فالله تعالى احسنهم ايجادا على ما يعتقدون كما قال خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم انتهى.
وعبد الخالق عند الصوفية المتحققين هو الذى يقدر الاشياء على وفق مراد الحق لتجليه له بوصف الخلق والتقدير فلا يقدر الا بتقديره له تعالى.
قال الامام الغزالىرحمه الله اذا بلغ العبد فى مجاهدة نفسه بطريق الرياضة فى سياستها وسياسة الخلق مبلغا ينفرد فيه باستنباط امور لم يسبق اليها ويقدر مع ذلك على فعلها والترغيب فيها كان كالمخترع لما لم يكن له وجود قبل اذ يقال لواضع الشطرنج انه الذى وضعه واخترعه حيث وضع ما لم يسبق اليه انتهى.
يقول الفقير ان بعض الكمل كانوا يتركون فى مكانهم بدلا منهم على صورتهم وشكلهم ويكونون فى امكنة فى آن واحد كما روى عن قضيب البان فيما سبق فهو من اسرار هذا المقام لانه انما يقدر عليه بعد المظهرية للاسم الخالق والوصول الى سره فاعرف واكتم وصن وصم