التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ
٧١

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذ قال ربك للملائكة } بدل من اذ يختصمون.
فان قيل كيف يجوز ان يقال ان الملائكة اختصموا بهذا القول والمخاصمة مع الله تعالى كفر قلت لا شك انه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة تجوّز اطلاق اسم المشبه به على المشبه فحسن اطلاق المخاصمة على المقاولة الواقعة هناك.
فان قلت ان الاختصام المذكور سابقا مسند الى الملأ الاعلى وواقع فيما بينهم وما وقع فى جملة البدل هو التقاول الواقع بين الله تعالى وبينهم لانه تعالى هو الذى قال لهم وقالوا له فكيف تجعل هذه الجملة بدلا من قوله اذ يختصمون مبينا ومشتملا له قلت حيث كان تكليمه تعالى اياهم بواسطة الملك صح اسناد الاختصام الى الله تعالى لكونه سببا آمرا وقد سبق المراد بالملائكة في سورة الحجر فارجع { انى خالق } اى فيما سيأتى { بشرا }.
قال الراغب عبر عن الانسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر فان البشرة هى ظاهر الجلد بخلاف الحيوانات التى عليها الصوف او الشعر او الوبر.
وقال بعضهم اى ارباب الحقائق سمى آدم بشرا لانه باشره الحق سبحانه بيديه عند خلقه مباشرة لائقة بذلك الجناب مقدسة عن توهم التشبه فان المباشرة حقيقة هى الافضاء بالبشرتين ولذا كنى بها عن الجماع { من طين } اى من تراب مبلول.
قال بعض الكبار من عجز وضعف كما قال الله تعالى
{ { الذى خلقكم من ضعف } قالوا مقام التراب مقام التواضع والمسكنة ومقام التواضع الرفعة والثبات ولذا ورد "من تواضع لله رفعه" وكان من دعائه عليه السلام "اللهم احينى مسكينا وامتنى مسكينا"