{ واذا مس الانسان ضر } اصابه ووصل اليه سوء حال من فقر او مرض او غيرهما وبالفارسية وجون آنكاه كه بر سيد ايشانرا سختى. قال الراغب المس يقال فى كل ما ينال الانسان من اذى والضر يقابل بالسرآء والنعماء والضرر بالنفع { دعا ربه } فى كشف ذلك الضر حال كونه { منيبا اليه } راجعا اليه مما كان يدعوه فى حالة الانابة الى الله والرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل والنوب رجوع الشىء مرة بعد اخرى وهذا وصف للجنس بحال بعض افراده كقوله تعالى ان الانسان لظلوم كفار وفيه اشارة الى أن من طبيعة الانسان انه اذا مسه ضر خشع وخضع والى ربه فزع وتملق بين يديه وتضرع (وفى المثنوى)
بندمى نالد بحق ازدر دونيش صد شكايت ميكند از رنج خويش
حق همى كويدكه آخر رنج ودرد مر ترا لابه كان او راست كرد
در حقيقت هر عددرا روى تست كيميا ونافع دلجوى تست
كه از واندر كريزى درخلا استعانت جويى از لطف خدا
در حقيقت دوستان دشمن اند كه زحضرت دور و مشغولت كنند
{ ثم اذا خوله نعمة منه } اى اعطاه نعمة عظيمة من جنابه تعالى وازال عنه ضره وكفاه امره واصلح باله واحسن حاله من التخول وهو التعهد اى المحافظة والمراعاة اى جعله خائل مال من قولهم فلان خائل ماله اذا كان متعهدا له حسن القيام به ومن شأن الغنى الجواد أن يراعى احوال الفقرآء او من الخول وهو الافتخار لان الغنى يكون متكبرا طويل الذيل اى جعله يخول اى يختال ويفتخر بالنعمة { نسى ما كان يدعو اليه } اى نسى الضر الذى كان يدعو الله الى كشفه { من قبل } اى من قبل التخويل كقوله تعالى مر كألم يدعنا الى ضر مسه او نسى ربه الذى كان يدعوه ويتضره اليه اما بناء على أن ما بمعنى من كما فى قوله تعالى وما خلق الذكر والانثى واما ايذانا بأن نسيانه بلغ الى حيث لا يعرف مدعوه ما هو فضلا عن أن يعرفه من هو فيعود الى رأس كفرانه وينهمك فى كبائر عصيانه ويشرك بمعبوده ويصر على جحوده وذلك لكون دعائه المحسوس معلولا بالضر الممسوس لا ناشئا عن الشوق الى الله المأنوس (وفى المثنوى)
آن ندامت از نتيجه رنج بود نى زعقل روشن جون كنج بود
جونكه شد ربح آن ندامت شدعدم مى نيرز دخاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و بير خرد بابك لوردوا لعادوامى زند
وفى عرآئس البقلى وصف الله اهل الضعف من اليقين اذا مسه ألم امتحانه دعاه بغير معرفته واذا وصل اليه نعمته احتجب بالنعمة عن المنعم فبقى جاهلا من كلا الطريقين لا يكون صابرا فى البلاء ولا شاكرا فى النعماء وذلك من جهله بربه ولو ادركه بنعت المعرفة وحلاوة المحبة لبذل له نفسه حتى يفعل به ما يشاء وقال بعضهم اقل العبيد علما ومعرفة أن يكون دعاؤه لربه عند نزول ضر به فان من دعاه بسبب او لسبب فذلك دعاء معلول مدخول حتى يدعوه رغبة فى ذكره وشوقا اليه وقال الحسين من نسى الحق عند العوافى لم يجب الله دعاءه عند المحن والاضطرار ولذلك قال النبى عليه السلام لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة وقال النهر جورى لا تكون النعمة التى تحمل صاحبها الى نسيان المنعم نعمة بل هى الى النقم اقرب
اين كله زان نعمتى كن كت زند ازدرما دور مطرودت كند
{ وجعل لله اندادا } شركاء فى العبادة اى رجع الى عبادة الاوثان جمع ند وهو يقال لما يشارك فى الجوهر فقط كما فى المفردات وقال فى بحر العلوم هو المثل المخالف اى امثالا يعتقد انها قادرة على مخالفة الله ومضادته { ليضل } الناس بذلك يعنى تاكمراه كندمر دمانرا { عن سبيله } الذى هو التوحيد. والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك استعين للتوحيد لانه موصل الى الله تعالى ورضاه قرى ليضل بفتح الياء اى ليزداد ضلالا او يثبت عليه والا فاصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور واللام لام العاقبة فان النتيجة قد تكون غرضا فى الفعل وقد تكون غير غرض والضلال والاضلال ليسا بغرضين بل نتيجة الجعل وعاقبته { قل } الامر الآتى للتهديد كقوله { { اعملوا ما شئتم } فالمعنى قل يا محمد تهديدا لذلك الضال المضل وبيانا لحاله ومآله.
وفى التأويلات النجمية قل للانسان الذى هذه طبيعته فى السراء والضراء { تمتع بكفرك قليلا } اى تمتعا قليلا فهو صفة مصدر محذوف او زمانا قليلا فهو صفة زمان محذوف يعنى: [ازمتمتعات بهرجه خواهى اشتغال كن دردنيا تاوقت مرك والتمتع برخوردارى كرفتن] يعنى الانتفاع { انك من اصحاب النار } فى الآخرة اى من ملازميها والمعذبين فيها على الدوام [ولذتهاى دنيا درجنب شدت عذاب دوزخ بغايت محقراست] وهو تعليل لقلة التمتع.
وفيه من الاقناط من النجاة ما لا يخفى كأنه قيل واذ قد ابيت قبول ما امرت به من الايمان والطاعة فمن حقك ان تؤمر بتركه لتذوق عقوبته.
وفيه اشارة الى ان من صاحب فى الدنيا اهل النار وسلك على اقدام مخالفات المولى وموافقات الهوى طريق الدركات السفلى وهو صاحب النار واهلها والى ان عمر الدنيا قليل فكيف بعمر الانسان وان التمتع بمشتهيات الدنيا لا يغنى عن الانسان شيئا فلا بد من الانتباه قبل نداء الاجل.
وصلى ابو الدرداء رضى الله عنه فى مسجد دمشق ثم قال يا اهل دمشق الا تستحيون الى متى تؤملّون ما لا تبلغون وتجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون ان من كان قبلكم امّلوا بعيدا وبنوا مشيدا وجمعوا كثيرا فاصبح املهم غرورا وجمعهم بورا ومساكنهم قبورا.
وذكر فى الاخبار ان رجلا قال لموسى عليه السلام ادعو الله ان يرزقنى مالا فدعا ربه فاوحى الله اليه يا موسى أقليلا سألت ام كثيرا قال يا رب كثيرا قال فاصبح الرجل اعمى فغدا على موسى فتلقاه سبع فقتله فقال موسى يا رب سألتك ان ترزقه كثيرا واكله السبع فاوحى الله اليه يا موسى انك سألت له كثيرا وكل ما كان فى الدنيا فهو قليل فاعطيته الكثير فى الآخرة فطوبى لمن ابغض الدنيا وما فيها وعمل للآخرة والمولى قبل دنو الاجل وظهور الكسل جعلنا الله واياكم من المتيقظين آمين