التفاسير

< >
عرض

ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً
٣٤
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ الرجال قوامون على النساء } قائمون بالامر بالمصالح والنهى عن الفضائح قيام الولاة على الرعية مسلطون على تأديبهن وعلل ذلك بامرين وهبى وكسبى فقال { بما فضل الله بعضهم على بعض } الضمير البارز لكلا الفريقين تغليبا اى بسبب تفضيله الرجال على النساء بالحزم والعزم والقوة والفتوة والمير والرمى والحماسة والسماحة والتشمير لخطة الخطبة وكتبة الكتابة وغيرها من المخايل المخيلة فى استدعاء الزيادة والشمائل الشاملة لجوامع السعادة { وبما انفقوا من اموالهم } اى وبسب انفاقهم من اموالهم فى نكاحهن كالمهر والنفقة وهذا ادل على وجوب نفقات الزوجات على الازواج "ـ روى - ان سعد بن الربيع احد نقباء الانصار رضى الله عنهم نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن ابى زهير فلطمها فانطلق بها ابوها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا فقال عليه السلام لنقتص منه فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم اردنا امرا واراد الله امرا والذى اراد الله خير"
.ورفع القصاص فلا قصاص فى اللطمة ونحوها والحكم فى النفس وما دونها مذكور فى الفروع { فالصالحات } منهن { قانتات } مطيعات لله تعالى قائمات بحقوق الازواج { حافظات للغيب } اى لمواجب الغيب اى لما يجب عليهن حفظه فى حال غيبة الازواج من الفروج والاموال والبيوت.
وعن النبى صلى الله عليه وسلم
"خير النساء امرأة ان نظرت اليها سرتك وان امرتها اطاعتك واذا غبت عنها حفظتك فى مالها ونفسها"
.وتلا الآية واضافة المال اليها للاشعار بان ماله فى حق التصرف فى حكم مالها { بما حفظ الله } ما مصدرية اى بحفظه تعالى اياهن اى بالامر بحفظ الغيب والحث عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له. او موصولة اى بالذى حفظ الله لهن عليهم من المهر والنفقة والقيام بحفظهن والذب عنهن { واللاتى تخافون نشوزهن } خطاب للازواج وارشاد لهم الى طريق القيام عليهن والخوف حالة تحصل فى القلب عند حدوث امر مكروه او عند الظن او العلم بحدوثه وقد يراد به احدهما اى تظنون عصيانهن وترفعهن عن مطاوعتكم { فعظوهن } فانصحوهن بالترغيب والترهيب.
قال الامام ابو منصور العظة كلام يلي القلوب القاسية ويرغب الطبائع النافرة وهى بتذكير العواقب { واهجروهن } بعد ذلك ان لم ينفع الوعظ والنصيحة والهجر الترك عن قلى { فى المضاجع } اى فى المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن جمع مضجع وهو موضع وضع الجنب للنوم { واضربوهن } ان لم ينجع ما فعلتم من العظة والهجران غير مبرح ولا شائن ولا كاسر ولا خادش فالامور الثلاثة مترتبة ينبغى ان يدرج فيها { فان اطعنكم } بذلك كما هو الظاهر لانه منتهى ما يعد زاجرا { فلا تبغوا عليهن سبيلا } بالتوبيخ والاذية اى فازيلوا عنهن التعرض واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له { ان الله كان عليا } اى اعلى عليكم قدرة منكم عليهن { كبيرا } اى اعظم حكما عليكم منكم عليهن فاحذروا واعفوا عنهن اذا رجعن لانكم تعصونه على علو شأنه وكبرياء سلطانه ثم تتوبون فيتوب عليكم فانتم احق بالعفو عمن جنى عليكم اذا رجع.
قال فى الشرعة وشرحها اذا وقف واطلع من زوجته على فجور اى فسق او كذب او ميل الى الباطل فانه يطلقها الا ان لا يصبر عنها فيمسكها ـ روى ـ انه
"جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لى امرأة لا تردّ يد لامس قال طلقها قال احبها قال امسكها" خوفا عليه بانه ان طلقها اتبعها وفسد هو ايضا معها فرأى ما فى دوام نكاحه من دفع الفساد عنه مع ضيق قلبه اولى فلا بد للرجال من تحمل المكاره الا انه لا ينبغى للمرء ان يكون ديوثا كما قال بعض العارفين

كريز از كفش دردهان نهنك كه مردن به از زندكانى به ننك

وكان بعض العلماء يقول التحمل على اذى واحد من المرأة احتمال فى الحقيقة من عشرين اذى منها مثلا فيه نجاة الولد من اللطمة ونجاة القدر من الكسر ونجاة العجل من الضرب ونجاة الهرة من الزجر اى المنع من اكل فضول الخوان وسقاطه والثوب من الحرق والضيف من الرحيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
.وقال ايضا "ايما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة"
.وقال ايضا "لا تؤذى امرأة زوجها فى الدنيا الا قالت زوجه من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك الينا"
.قال النبى عليه السلام مخاطبا لعائشة رضى الله عنها "ايما امرأة تؤذى زوجها بلسانها الا جعل الله لسانها يوم القيامة سبعين ذراعا ثم عقد خلف عنقها. يا عائشة وايما امرأة تصلى لربها وتدعو لنفسها ثم تدعو لزوجها الا ضرب بصلاتها وجهها حتى تدعو لزوجها ثم تدعو لنفسها. يا عائشة وايما امرأة جزعت على ميتها فوق ثلاثة ايام احبط الله عملها. يا عائشة وايما امرأة ناحت على ميتها الا جعل الله لسانها سبعين ذراعا وجرت الى النار مع من تبعها. يا عائشة ايما امرأة اصابتها مصيبة فلطمت وجهها ومزقت ثيابها الا كانت مع امرأة لوط ونوح فى النار وكانت آيسة من كل خير وكل شفاعة شافع يوم القيامة يا عائشة وايما امرأة زارت المقابر الا لعنها الله تعالى ولعنها كل رطب ويابس حتى ترجع فاذا رجعت الى منزلها كانت فى غضب الله ومقته الى الغد من ساعته فان ماتت من وقتها كانت من اهل النار. يا عائشة اجتهدى ثم اجتهدى فانكن صواحبات يوسف وفاتنات داود ومخرجات آدم من الجنة وعاصيات نوح ولوط. يا عائشة ما زال جبريل يوصينى فى امر النساء حتى ظننت انه سيحرم طلاقهن. يا عائشة انا خصم كل امرأة يطلقها زوجها ثم قال يا عائشة وما من امرأة تحبل من زوجها حين تحبل الا ولها مثل اجر الصائم بالنهار والقائم بالليل الغازى فى سبيل الله. يا عائشة ما من امرأة اتاها الطلق الا ولها بكل طلقة عتق نسمة وبكل رضعة عتق رقبة. يا عائشة ايما امرأة خففت عن زوجها من مهرها الا كان لها من العمل حجة مبرورة وعمرة متقبلة وغفر لها ذنوبها كلها حديثها وقديمها سرها وعلانيتها عمدها وخطأها اولها وآخرها. يا عائشة المرأة اذا كان لها زوج فصبرت على اذى زوجها فهى كالمتشحطة فى دمها فى سبيل الله وكانت من القانتات الذاكرات المسلمات المؤمنات التائبات" كذا فى روضة العلماء وفيه تطويل قد اختصرته وحذفت بعضه.
والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل الرجال قوامين على النساء لان وجودهن تبع لوجودهم وهم الاصول وهن الفروع فكما ان الشجرة فرع الثمرة بانها خلقت منها فكذلك النساء خلقن من ضلوعهم فكما كان قيام حواء قبل خلقها وهى ضلع بآدم عليه السلام وهو قوام عليها فكذلك الرجال على النساء بمصالح امور دينهن ودنياهن قال تعالى
{ { قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } [التحريم: 6].
واختص الرجال باستعدادية الكمالية للخلافة والنبوة فكان وجودهم الاصل ووجودهن تبعا لوجودهم للتوالد والتناسل قال عليه السلام
"كمل من الرجال كثير وما كمل من النساء الا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
.ومع هذا ما بلغ كمالهن الى حد يصلحن للخلافة او النبوة وانما كان كمالهن بالنسبة الى النسوة لا الى الرجال لانهن بالنسبة اليهم ناقصات عقل ودين حتى قال فى عائشة رضى الله عنها مع فضلها على سائر النساء "خذوا ثلثى دينكم عن هذه الحميراء"
.فهذا بالنسبة الى الرجال نقصان حيث لم يقل خذوا كمال دينكم ولكن بالنسبة الى النساء كمال لانه على قاعدة قوله تعالى { { للذكر مثل حظ الانثيين } [النساء: 11].
يكون حظ النساء من الدين الثلث فكماله كان الثلثين بمثابة الذكور بمثل حظ الانثيين: قال الفقير جامع هذه المجالس النفيسة

مرد بايد تا كه اقدامى كند در طريقت غيرت نامى كند
جون نه كامل زمردى دم مزن جون نه دلبر مكو از حسن تن
زن كه كامل شد زمردان دست برد مرد ناقص جون زن ناقص بمرد