التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً
٤٠
-النساء

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الله لا يظلم مثقال ذرة } لا ينقص من الاجر ولا يزيد فى العقاب شيئاً مقدار ذرة وهى النملة الصغيرة الحمراء التى لا تكاد ترى من صغرها او الصغير جدا من اجزاء التراب او ما يظهر من اجزاء الهباء المنبث الذى تراه فى البيت من ضوء الشمس وهو الانسب بمقام المبالغة وهذا نفى للظلم لانه اذا نفى القليل نفى الكثير لان القليل داخل فى الكثير { وان تك حسنة } اى وان يك مثقال الذرة حسنة انث الضمير لتأنيث الخبر او لاضافة المثقال الى مؤنث وحذف النون من غير قياس تشبيها بحروف العلة وتخفيفا لكثرة الاستعمال { يضاعفها } اى يضاعف ثوابها لان تضاعف نفس الحسنة بان يجعل الصلاة الواحدة صلاتين مما لا يعقل { ويؤت من لدنه } ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضيل زائدا على ما وعد فى مقابلة العمل { اجرا عظيما } عطاء جزيلا وانما سماه اجرا لكونه تابعا للاجر مزيدا عليه
قال فى التيسير وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره مع انه سمى الدنيا وما فيها قليلا وسمى هذا الفضل عظيما ـ روى ـ انه يؤتى يوم القيامة بالعبد وينادى مناد على رؤوس الاولين والآخرين هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت الى حقه ثم يقال له اعط هؤلاء حقوقهم فيقول يا رب من اين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته انظروا فى اعماله الصالحة فاعطوهم منها فان بقى مثقال ذرة من حسنة ضعفها الله تعالى لعبده وادخله الجنة بفضله ورحمته والظاهر ان ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها فى الجنة واما هذا الاجر العظيم الذى يؤتيه من لدنه فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية وعند الاستغراق فى المحبة والمعرفة وانما خص هذا النوع بقوله من لدنه لان هذا النوع من الغبطة والسعادة والكمال لا ينال بالاعمال الجسدية بل انما ينال بما يودع الله فى جوهر النفس المقدسية من الاشراق والصفاء والنور وبالجملة فذلك التضعيف اشارة الى السعادات الجسمانية وهذا الاجر العظيم اشارة الى السعادات الروحانية.
ورد فى الخبر الصحيح
"ان الله تعالى يقول لملائكته حين دخل اهل الجنة الجنة اطعموا اوليائى فيؤتى بالوان الاطعمة فيجدون لكل نعمة لذة غير ما يجدون للاخرى فاذا فرغوا من الطعام يقول الله تعالى اسقوا عبادى فيؤتى باشربة فيجدون لكل شربة لذة بخلاف الاخرى فاذا فرغوا يقول الله تعالى انا ربكم قد صدقتكم وعدى فاسألونى اعطم قالوا ربنا نسألك رضوانك مرتين او ثلاثا فيقول رضيت عنكم ولدىّ المزيد فاليوم اكرمكم بكرامة اعظم من ذلك كله فيكشف الحجاب فينظرون اليه ما شاء الله فيخرون اليه سجدا فيكونون فى السجود ما شاء الله تعالى ثم يقول لهم ارفعوا رؤسكم ليس هذا موضع عبادة فينسون كل نعمة كانوا فيها ويكون النظر اليه احب اليهم من جميع النعم" .

جان بيجمال ميل جهان ندارد وانكس كه اين ندارد حقا كه آن ندارت

"فيهب ريح من تحت العرش على تل من مسك اذفر فينشر المسك على رؤسهم ونواصى خيولهم فاذا رجعوا الى اهليهم يرون ازواجهم فى الحسن والبهاء افضل مما تركوهن ويقول لهم ازواجهم قد رجعتم احسن مما كنتم" ومطمع نظر العارف الجنة المعنوية.
قال ابو يزيد البسطامى حلاوة المعرفة الآلهية خير من جنة الفردوس واعلى عليين لو فتحوا لى الجنات الثمان واعطونى الدنيا والآخرة لم يقابل انينى وقت السحر طال انسى بالله.
وقال مالك بن دينار خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا اطيب الاشياء قيل وما هو قال معرفة الله تعالى: قال جلال الدين قدس سره

اى خنك انراكه ذات خود شناخت اندر امن سرمدى قصرى بساخت
بس جو آهن كرجه تيره هيكلى صيقلى كن صيقلى كن صيقلى
دفع كن از مغز از بينى زكام تاكه ريح الله درآيد از مشام
هيج مكذار ازتب وصفرا اثر تابيابى درجهان طعم شكر

اوصلنا الله واياكم الى معرفته وادخلنا الجنة برحمته.