التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ
٢٧
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقال موسى } اى لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام { انى عذت } من بناه كرفتم وفرياد وزنهار خواستم.
والعوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به { بربى وربكم } خص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية واضافته اليه واليهم للحث على موافقته فى العياذ به تعالى والتوكل عليه فان فى تظاهر النفوس تأثيرا قويا فى استجلاب الاجابة وهو السبب الاصلى فى اجتماع الناس لادآء الصلوات الخمس والجمعة والاعياد والاستسقاء ونحوها { من كل متكبر } متعظم عن الايمان وبالفارسية از هر كردن كشى.
ولم يسم فرعون بل ذكره بوصف يعمه وغيره من جبابرة اركانه وغيرهم لتعميم الاستعاذة والاشعار بعلة القساوة والجرآءة على الله وهى التكبر وما يليه من عدم الايمان بالبعث.
يقول الفقير واما قول الرازى وتبعه القاضى لم يسم فرعون رعاية لحق التربية التى كانت من فرعون له عليه السلام فى صغره فمدخول بان موسى عليه السلام قد شافهه باسمه فى غير هذا الموضع كما قال وانى لأظنك يا فرعون مثبورا وهذا اشد من قوله من فرعون على تقدير التسمية من حيث صدوره مشافهة وصدوره من فرعون مغايبة { لا يؤمن بيوم الحساب } صفة لما قبله عقبه به لأن طبع المتكبر القاسى وشأنه ابطال الحق وتحقير الخلق لكنه قد ينزجر اذا كان مقرا بالجزاء وخائفا من الحساب واما اذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث كان اظلم واطغى فلا عظيمة الا ارتكبها فيكون بالاستعاذة اولى واحرى وسئل الامام ابو حنيفة رضى الله عنه اى ذنب اخوف على سلب الايمان قال ترك الشكر على الايمان وترك خوف الخاتمة وظلم العباد فان من كان فيه هذه الخصال الثلاث فالاغلب ان يخرج من الدنيا كافرا لا من ادركته السعادة وفى الخبر
"ان الله تعالى سخر الريح لسليمان عليه السلام فحملته وقومه على السرير حتى سمعوا كلام اهل السماء فقال ملك لآخر الى جنبه لو علم فى قلب سليمان مثقال ذرة من كبر لاسفله فى الارض مقدار ما رفعه من الارض الى السماء" وفى الحديث "ما من احد الا وفى رأسه سلسلتان احداهما الى السماء السابعة والاخرى الى الارض السابعة فاذا تواضع رفعه الله بالسلسلة التى فى السماء السابعة واذا تكبر وضعه الله بالسلسلة التى فى الارض السابعة" فالمتكبر ايا كان مقهور لا محالة كما يقال اول ما خلق الله درة بيضاء فنظر اليها بالهيبة فذابت وصارت ماء وارتفع زبدها فخلق منه الارض فافتخرة الارض وقالت من مثلى فخلق الله الجبال فجعلها اوتادا فى الارض فقهر الارض بالجبال فتكبرت الجبال فخلق الحديد وقهر الجبال به فتكبر الحديد فقهر بالنار فتكبرت النار فخلق الماء فقهرها به فتكبر الماء فخلق السحاب ففرق الماء فى الدنيا فتكبر السحاب فخلق الرياح ففرقت السحاب فتكبرت الرياح فخلق الآدمى حتى جعل لنفسه بيتا وكنا من الحر والبرد والرياح فتكبر الآدمى فخلق النوم فقهر به فتكبر النوم فخلق المرض فقهره به فتكبر المرض فخلق الموت فتكبر فقهره بالذبح يوم القيامة حيث يذبح بين الجنة والنار كما قال تعالى { { وانذرهم يوم الحسرة اذ قضى الامر } يعنى اذ ذبح الموت فالقاهر فوق الكل هو الله تعالى كما قال { { وانا فوقهم قاهرون } ثم ان الكبر من اشد صفات النفس الامارة فلا بد من اذالته (قال المولى الجامى)

لاف بى كبرى مزن كان از نشان باى مور درشب تاريك بر سنك سيه بنهان ترسب
وزدرون كردن برون آسان مكيرانرا كزان كوه راكندن بسوزن از زمين آسان ترست