التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
٥٩
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الساعة } ان القيامة ومروجه التسمية بها مرارا { لآتية } اكد باللام لأن المخاطبين هم الكفار وجرد فى طه حيث قال ان الساعة آتية لكون المخبر ليس بشاك فى الخبر كذا فى برهال القرآءن { لا ريب فيها } اى فى مجيئها لوضوح شوآهدها ومنها ما ذكر بقوله لخلق السموات الخ { ولكن اكثر الناس } يعنى الكفار { لا يؤمنون } لا يصدقون بها لقصور أنظارهم وقوة الفهم بالمحسوسات وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الا من عصمه الله تعالى ونظر الى قلبه بنظر العناية (روى) أن الصراط سبع قناطر فيسأل العبد عند القنطرة الاولى عن الايمان وهو أصعب القناطر وأهواها قرارا فان أتى بالايمان نجا وان لم يأت به تردى الى اسفل السافلين ويسأل فى الثانية عن الصلاة وفى الثالثة عن الزكاة وفى الرابعة عن صيام شهر رمضان وفى الخامسة عن الحج وفى السادسة عن الامر بالمعروف وفى السابعة عن النهى عن المنكر فان اجاب فى الكل نجا والا تردى فى النار

كرد بعث محمد عربى تابود خلق رارسول ونبى
هرجه ثابت شود بقول ثقات كه محمد عليه الف صلات
دادمارا خبر بموجت آن واجب آمد بان زما ايمان

فالاساس هو الايمان والتوحيد ثم يبنى عليه سائر الواجبات قال مالك بن ديناررحمه الله رأيت جماعة فى البصرة يحملون جنازة وليس معهم احد ممن يشيع الجنازة فسألتهم عنه فقالوا هذا من كبار المذنبين قال فصليت عليه وانزلته فى قبره ثم انصرفت الى الظل فنمت فرأيت ملكين نزلا من السماء فشقا قبره ونزل احدهما فى القبر وقال اكتبه من اهل النار لأنه لم تسلم جارحة منه عن الذنب فقال الآخر لا تعجل ثم نزل هو فقال لصاحبه قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ بالايمان فاكتبه مرحوما فاذا صلح القلب بالتوحيد والايمان بالله وباليوم الآخر يرجى أن يتجاوز الله عن سيئاته ثم أن الساعة ارتاب فيها المرتابون مع وضوح شواهدها واما اهل الايمان والعيان فرأوها كأنها حاضرة "(روى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل حارثة كيف اصبحت يا حارثة قال اصبحت مؤمنا حقا قال يا حارثة ان لكل حق حقيقة فما حقيقة ايمانك قال عزفت نفسى عن الدنيا اى زهدت وانصرفت فاظمأت نهارها واسهرت ليلها واستوى عندى حجرها وذهبها وكأنى انظر الى اهل الجنة يتزاورون والى اهل النار يتضاغون اى يصوتون باكين وكأنى انظر الى عرش ربى بارزا فقال عليه السلام اصبت فالزم"
ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا

حال خلد وجحيم دانستم بيقين آنجنانكه مىبايد
كرحجاب ازميانه بر كيرند آن يقين ذره نيفزايد

فظهر أن هذا حال اهل العيان فأين المحجوب عن هذا فلما كانا لا يستويان فى الدنيا علما ومعرفة وشهودا كذلك لا يستويان فى الآخرة درجة وقربة وجودا نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الصالحين المحسنين الفائزين بمطالب الدنيا والدين والآخرة