التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
٦٠
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقال ربكم } ايها الناس { ادعونى } وحدونى واعبدونى { استجب لكم } اى اثبكم بقرينة قوله تعالى { ان الذين يستكبرون عن عبادتى } يتعظمون عن طاعتى { سيدخلون جهنم } حال كونهم { داخرين } اى صاغرين اذلاء فان الدخور بالفارسية خوارشدن.
من دخر كمنع وفرح صغر وذل وان فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلا منزلة الاستكبار عن العبادة فاقيم الثانى مقام الاول للمبالغة او المراد بالعبادة الدعاء فانه من افضل ابوابها فاطلق العام على الخاص مجازا (قال الكاشفى) مراد ازدعا سؤالست يعنى بخواهيدكه خزانه من مالا مالست وكرم من بخشنده آمال كدام كداست نياز بيش آورده كه نقد مراد بر كف اميدش ننهادم وكدام محتاج زبان سؤال كشادكه رقعه حاجتش رابتوقيع اجابت موشح نساحتم

برآستان ارادت كه سرنهادشبى كه لطف دوست برويش دريخه نكشود

يقال ادعونى بلا غفلة استجب لكم بلا مهلة ادعونى بلا خفاء استجب لكم بالوفاء ادعونى بلا خطا استجب لكم بالعطا ادعونى بشرط الدعاء وهو الاكل من الحلال قيل الدعاء مفتاح الحاجة واسنانه لقمة الحلال قال الحكيم الترمذى قدس سره من دعا الله ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والانابة واكل الحلال واتباع السنن ومراعاة السر كان دعاؤه مردودا واخشى ان يكون جوابه الطرد واللعن ويقال كل من دعاه استجاب له اما بما سأله او بشىء آخر هو خير له منه ويقال الكافر ليس يدعوه حقيقة لأنه انما يدعو من له شريك والله تعالى لا شريك له وكذا المعطلة لأنهم انما يعدبون الها لا صفات له من الحياة والسمع والبصر والكلام والقدرة والارادة بزعمهم فهم لا يعبدون الله تعالى وكذا المشبهة انما يدعون الها له جوارح واعضاء والله تعالى منزه عن ذلك فانه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير قال الشافعىرحمه الله من انتهض لطلب مدبره فان اطمأن الى موجود ينتهى اليه فكره فهو مشبه وان اطمأن الى نفى محض فهو معطل وان اطمأن الى موجود واعتراف بالعجزان ادراكه فهو موحد فأهل السنة يثبتون لله تعالى صفات ثبوتية وينزهونه عمالا يليق به فهم انما يدعون الله تعالى فما من مؤمن يدعو الله ويسأله شيئا الا اعطاه اما فى الدنيا واما فى الآخرة ويقول له هذا ما طلبت فى الدنيا وقد ادخرته لك الى هذا اليوم حتى يتمنى العبد انه ليته لم يعط شيئا فى الدنيا ويقال لم يوفق العبد للدعاء الا لارادة الله اجابته لكن وقوع الاجابة حقيقة انما يكون فى الزمان المتعين للدعاء كالسلطان اذا كان فى وقت الفرح والاستبشار لا يرد السائل البتة قال الفضيل بن عياض والناس وقوف بعرفات ما تقولون لو قصد هؤلاء الوفد بعض الكرماء يطلبون منه دانقا اكان يردهم فقالوا لا فقال والله للمغفرة فى جنت كرم الله اهون على الله من الدانق فى جنت كرم ذلك الرجل فعرفات وزمان الوقوف من مظان الاجابة وكذا جميع امكنة العبادات واوقات الطاعات لأن الله تعالى اذا رأى عبده حيث امر رضى عنه واستجاب دعاءه ونعم ما قال سفيان حيث قال بعضهم ادع الله فقال ترك الذنوب هو الدعاء قال بعض العارفين بالله الصلاة افضل الحركات والصوم افضل السكنات والتضرع فى هياكل العبادات يحل ما عقدته الافلاك الدآئرات ولا بد من حسن الظن بالله (حكى) عن بعض البله وهو فى طواف الوداع أنه قال له رجل وهو يمازحه هل اخذت من الله برآءتك من النار فقال الابله له وهل اخذ الناس ذلك فقال نعم فبكى ذلك الابله ودخل الحجر وتعلق بأستار الكعبة وجعل يبكى ويطلب من الله أن يعطيه كتابه يعتقه من النار فجعل اصحابه والناس يطوفون يعرفونه ان فلانا مزح معك وهو لا يصدقهم بل بقى مستمرا على حاله فبينما هو كذلك سقطت عليه ورقة من طرف الميزاب فيها برآءته وعتقه من النار فسر بها واوقت الناس عليها وكان من آية ذلك الكتاب انه يقرأ من كل ناحية على السوآء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها فعلم الناس أنه من عند الله وكفته اند دعا لفظى جامع است بيست خصلت از خصال حسنات درضمن آن مجتمع همجون معجونى ساخته ازاخلاط متفرق وآن عبادتست واخلاص وحمد وشكر وثنا وتهليل وتوحيد وسؤال ورغبت ورهبت وندا وطلب مناجات وافتقار وخضوع وتذلل ومسكنت واستعانت واستكانت والتجاء رب العالمين باين كلمات مختصرجه كفت ادعونى استجب لكم ترابا اين بيست خصلت تراميد هد تابدانى كه اين قرآن جوامع الكلم است.
قال فى ترويح القلوب الادب فى ابتدآء كل توجه او دعاء او اسم التوبة وذكر محامد الله والثناء عليه والتشفع بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم والصلاة عليه وهو مفتاح باب السعادة واكل الحلال وهو الترياق المجرب والتبرى من الحول والقوة وترك الالتجاء لغير الله وحسن الظن بالله وجمع الهمة وحضور القلب وغاية الدعاء اظهار الفاقة والا فالله يفعل ما يريد

جز خضوع وبندكى واضطرار اندرين حضرت ندارد اعتبار

فى الحديث اذا سألتم الله فاسألوه ببطون اكفكم ولا تسألوه بظهورها واذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم وما سئل الله شيئا احب اليه من أن يسأل العافية كما فى كشف الاسرار ومنه عرف أن مسح اليدين على الوجه عقيب الدعاء سنة وهو الاصح كما فى القنية قال فى الاسرار المحمدية كان عليه السلام يأمر اصحابه بمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ويحرض عليه وسر ذلك أن الانسان حال دعائه متوجه الى الله تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح أن اليد الواحدة تترجم عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لأن وجه الشىء حقيقة والوجه الظاهر مظهرها والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء الى حذآء صدره كذا فعله النبى عليه السلام كما رواه ابن عباس رضى الله عنهما والافضل أن يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عذر او برد فأشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه قال سلطان العارفين ابو يزيد البسطامى قدس سره دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى والاخرى ما قدرت على اخراجها من شدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهر مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذلك يا رب فنوديت ان اليد التى خرجت للطلب ملأناها والتى توارت حرمت ثم ان قوله { { ادعونى استجب لكم } يشير الى أن معنى ادعونى اطلبوا منى اى لا تطلبوا من غيرى فان من كنت له يكون له ما كان لى وان من يطلبنى يجدنى كما قال الا من طلبنى وجدنى (قال الشيخ سعدى)

خلاف طريقت بودكاوليا تمنا كنند ازخدا جز خدا

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الداعين العابدين له بالاخلاص