التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٦٣
-غافر

روح البيان في تفسير القرآن

{ كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون } اى مثل ذلك الافك للعجب الذى لا وجه له ولا مصحح اصلا اى كما صرف قومك وهم قريش عن الحق وحرموا من التحلى به مع قيام الدلائل يؤفك ويصرف عنه كل جاحد قبلهم او بعدهم بآياته اى آية كانت لا افكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات وقوله أنى تؤفكون اى تصرفون من الحق فى الاعتقاد الى الباطل ومن الصدق فى المقال الى الكذب ومن الجميل فى الفعل الى القبيح ورجل مأفوك اى مصروف عن الحق الى الباطل والجحود نفى ما فى القلب اثباته واثبات ما فى القلب نفيه وتجحد تخصص بفعل ذلك فعلى العبد أن يقر بمولاه وبآياته فانه خالقه ورازقه وجاء فى احاديث المعراج "قل لأمتك ان احببتم احدا لاحسانه اليكم فانا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم احدا من اهل السماء والارض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان انتم رجوتم احدا فأنا اولى به لأنى احب عبادى وان انتم استحييتم من احد لجفائكم اياه فأنا اولى بذلك لان منكم الجفاء ومنى الوفاء وان انتم آثرتم احدا باموالكم وانفسكم فأنا اولى به لأنى معبودكم وان صدقتم احدا وعده فأنا اولى بذلك لانى انا الصادق" ففى العبودية والمعرفة شرف عظيم قال على رضى الله عنه ما يسرنى ان لو مت طفلا وادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف وذلك لأن الانسان خلق للعبادة والمعرفة فاذا ساعده العمر والوقت يجب عليه ان يجتهد الى ان يترقى الى ذروة المطالب ويصل الى مرتبة استعداده فاذا اهمل وتكاسل فمات كان كالصبى الذى مات فى صباه خاليا عن حلية الكمالات والسعادات نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المجتهدين