التفاسير

< >
عرض

نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ
٣٢
-فصلت

روح البيان في تفسير القرآن

{ نزلا } رزقا كائنا { من غفور } للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات { رحيم } بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الامور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذى تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمنى وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الازل من فنون الاعطاف واصناف الالطاف وذلك لأن عطاء الله تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من اكامل الانسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضى كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازدادوا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى الله فى الدنيا والآخرة (وفى المثنوى) هركه جز ماهى زآبش سيرشد. هركه بى روزيست روزش ديرشد.
وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلى ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره. وليس له منها نصيب ولا سهم (وقال الصائب) ازين جه سودكه دركلستان وطن دارم مراكه عمر جونركس بخواب ميكذرد.
ومن الناس من له نصيب من هذا الامر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الرى اصلا وهو حال الكمل (حكى) ان يحيى بن معاذ الرازى رضى الله عنه كتب الى ابى يزيد البسطامى قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد

شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب ولا رويت

اشار الى ان حصول الرى انما هو للضعفاء واما الاقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة ابحر جعلنا الله واياك هكذا من فضله