التفاسير

< >
عرض

وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ
٥١
-فصلت

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذا انعمنا على الانسان اعرض } اى عن الشكر على انعامه وهذا نوع آخر من طغيان الكافر اذا اصابه الله بنعمة ابطرته النعمة وكأنه لم يلق شدة قط فنسى المنعم وكفر بنعمته بترك الشكر { ونأ بجانبه } الناى دور شدن.
ويعدى بنفسه وبعن كما فى تاج المصادر اى تباعد بكليته عن الشكر لا بجانبه فقط ولم يمل الى الشكر والطاعة تكبرا وتعظما فالجانب مجاز عن النفس كما فى قوله تعالى
{ { فى جنب الله } ويجوز ان يراد به عطفه فيكون على حقيقية وعبارة عن الانحراف والازورار لأن نأى الجانب عن الشكر يستلزم الانحراف عنه كما قالوا ثنى عطفه وتولى بركنه فالباء للتعدية وفى التأويلات النجمية اذا خلناه الى الطبيعة الانسانية وهى الظلومية والجهولية لا يميز بين العطاء والبلاء فكثير مما يتوهمه عطاء وهو مكر واستدراج هو يسديمه وكثير مما هو فضل فى نقمة وعطاء فى الشر وهو يظنه بلاء فيكرهه بل اذا انعمنا عليه صاحبه بالبطر واذا ابليناه قابله بالضجر بل واذا انعمنا عليه اعجب بنفسه فتكبر مختالا فى زهوه لا يشكر ربه ولا يذكر فضله ويشتغل بالنعمة عن المنعم ويتباعد عن بساط طاعته فكالمستغنى عنا يهيم على وجهه (قال الحافظ)

ببال وبرمرو ازره كه تيربرتابى هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست

{ واذا مسه الشر } اى اذا مس هذا الانسان المعرض المتكبر جنس الشر كالبلاء والمحنة وانما جيئ بلفظ الماضى واذا لأن المراد الشر المطلق الذى حصوله مقطوع به { فذو دعاء عريض } اى فهو ذو دعاء كثير كما يقال اطال فلان الكلام والدعاء واعرض اى اكثر فهو مستعار مما له عرض متسع للاشعار بكثرته فان العريض يكون ذا اجزآء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض فانه يدل على التعظيم ومعنى الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض وهو اى عريض ابلغ من طويل اذ الطول اطول الامتدادين فاذا كان عرضه كذلك اى متسعا فما ظنك بطوله ولعل شأن بعض غير البعض الذى حكى عنه اليأس والقنوط اذا اليأس والقنوط ينافيان الدعاء لأنه فرع الطمع والرجاء او شأن الكل فى بعض الاوقات وقيل قنوط من الصنم دعاء لله او قنوط بالقلب دعاء باللسان