التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٣١
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما انتم بمعجزين فى الارض } فائتين ما قضى عليكم من المصائب وان هربتم من اقطار الارض كل مهرب يعنى اذا اراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدا يرا از انفاذ امريا از عذاب كردن مستحق.
قال اهل اللغة اعجزته اى صيرته عاجزا واعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بما دون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما انتم اى اجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الارض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان { وما لكم } اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد { من دون الله } المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة { من ولى } يكون متوليا لشىء من اموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب { ولا نصير } يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل احد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وارادته اظهار الخضوع والتذلل واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما اودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية.
قال الامام الواحدىرحمه الله هذه الآية ارجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفا عفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم اذا كسب العبد شيئا من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان اهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الانبياء وكمل الالياء والاطفال والمجانين فلاسباب اخر لا بما كسبت ايديهم لانهم معصومون محفوظون.
منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الاطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الاصول للحكيم الترمذي قدس سره البلاء على ثلاثة اضرب منها تعجيل عقوبة للعبد كمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذى هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله اذكرنى عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين.
ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى
{ { انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب } ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى اسرائيل وقد سأل النبى عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال "واسأل الله العافية من كل بلية" والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه اذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل اكثرها من اجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التى من اجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل { { وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير } وقال تعالى { { ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر } فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل. ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا * ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم (وقال الحافظ) شكر كمال حلاوت بس از رياضت يافت نخست درشكن تنك ازان مكان كيرد (وما قال) كويند سنك لعل شود درمقام صبر. آرى شود وليك بخون جكر شود.
نسأل الله العافية