التفاسير

< >
عرض

لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ
٤٩
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ لله ملك السموات والارض } اى يختص به ملك العالم كله لا يقدر أن يملكه احد سواه فله التصرف فيه وقسمة النعمة والبلية على أهله وليس عليهم الا الشكر فى النعمة والصبر فى البلية والرضى والتسليم للاحكام الازلية وبالفارسية وخدايراست بادشاهى آسمانها وزمينها { يخلق ما يشاء } مما يعلمونه ومما لا يعلمونه على اى صورة شاء { يهب لمن يشاء اناثا } من الاولاد يعنى مى بخشد هر كرامى خواهد دختران.
فلا يجعل معهن ذكورا يعنى بسران مثل ما وهب لشعيب ولوط عليهما السلام والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والوهاب هو الله تعالى لانه يعطى كلا على قدر استحقاقه ولا يريد عوضا والاناث جمع انثى خلاف الذكر والجملة بدل من يخلق بدل البعض قدم الاناث لانها اكثر لتكثير النسل او لتطييب قلوب آبائهن اذ فى التقديم تشريف لهن وايناس بهن ولذلك جعلن من مواهب الله تعالى مع ذكر اللام الانتفاعية او لرعاية الترتيب الواقع اولا فى الهبة بنوع الانسان فانه تعالى وهب اولا لآدم زوجته حواء عليهما السلام بأن ولدها منه وخلقها من قصيراه وهى اسفل الاضلاع او آخر ضلع فى الجنب كما فى القاموس قال فى الكواشى ويجوز انهن قدمن توبيخا لمن كان يئدهن ونكرن ايماء الى ضعفهن ليرحمن فيحسن اليهن قال فى الشرعة وشرحه ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية فانهم يكرهونها بحيث يدفنونها فى التراب فى حال حياتها وفى الحديث
"من بركة المرأة تبكيرها بالبنات" اى يكون اول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يهب لمن يشاء اناثا الاية حيث بدا بالاناث وفى الحديث "من ابتلى من هذه البنات بشىء فاحسن اليهن" اى بالتزويج بالاكفاء ونحوه "كن له سترا من النار" والنبى عليه السلام سماهن المجهزات المؤنسات اى المهيا جهازهن سماهن بها تفاؤلا وتيمنا والمؤنسات للوالدين والازواج وفى الحديث "سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات" وفى الحديث القدسى خطابا للبنت حين ولدت "انزلى وأنا عون لأبيك" وفى الحديث "لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات"
يقول الفقير معناه ان كونه عليه السلام ابا لبنات يكفى فى عدم كراهة البنات اذ لا يختار الله له الا ما هو خير ومن لم يرض بما اختاره له تعرض لسخط الله وكم ترى فى هذا الزمان من السخط على البنات اقتداء بأهل الجاهلية ولو كان لهم اسوة حسنة فى رسول الله لاحبوا ما أحبه وكان لهم فى ذلك شرف عظيم { ويهب لمن يشاء الذكور } من الاولاد يعنى بسران.
ولا يكون فيهم اناث كما وهب ابراهيم عليه السلام من غير ان يكون فى ذلك مدخل لاحد ومجال اعتراض.
بااختيار حق نبود اختيارما بانور آفتاب جه باشد شرارما.
والذكور جمع ذكر ضد الانثى عرف الذكور للمحافظة على الفواصل او لجبر التأخير يعنى ان الله تعالى اخر الذكور مع انهم احقاء بالتقديم فتدارك تأخيرهم بتعريفهم لان فى التعريف العهدى تنويها وتشهيرا كأنه قيل ويهب لمن يشاء الفرسان اعلام الذين لا يخفون عليكم وفى الحديث
"ان اولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور واموالهم لكم ان احتجتم اليها"