التفاسير

< >
عرض

تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ تكاد السموات } نزديك شدكه آسمانها { يتفطرن } التفطر شكافته شدن.
واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته واجلاله كقوله تعالى
{ { لو انزلنا هذا القرءآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } { من فوقهن } اى يبتدئ التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن اعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسى وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر اولا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى اسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم { { تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا } فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الارض اذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن { والملائكة يسبحون بحمد ربهم } ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الاجسام ملتبسين بحمده تعالى.
يعنى تسبيح وحمد باهم ميكويند جه يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم اشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله { ويستغفرون لمن فى الارض } اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى
{ { ويستغفرون للذين آمنوا } المطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعى فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والالهام وترتيب الاسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى { { اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين } وفى الحديث "ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الارض" وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى اوآئل حم المؤمن { { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا
} يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى من عداهم فلعله من باب الترقى لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار { الا } اعلموا { ان الله هو الغفور } يغفر ذنوب المقبلين { الرحيم } يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة.
يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اذ لا يعصون ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله مالا يعلمون ومن عظم افترآئهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها انوار قدرته وادخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قوال الزآئغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبغلوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين

فاسد شده راز روزكار وارون لا يمكن ان يصلحه العطارون