التفاسير

< >
عرض

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
٥٠
-الشورى

روح البيان في تفسير القرآن

{ او يزوجهم ذكرانا واناثا } معنى التزويج هنا جفت قرين كردن كما فى تاج المصادر والذكران جمع ذكر والمعنى يقرن بين الصنفين فيهبهما جميعا بان يولد له الذكور والاناث مثل ما وهب لنبينا صلى الله عليه وسلم اذ كان له من البنين ثلاثة على الصحيح قاسم وعبد الله وابراهيم ومن البنات اربع زينب ورقية وام كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن وقال بعضهم معنى يزوجهم ان تلد غلاما ثم جارية ثم غلاما او تلد ذكرا وانثى توأمين { ويجعل من يشاء عقيما } بى فرزند ونازاينده.
فلا تلد ولا يولد له كعيسى ويحيى عليهما السلام فانهما ليس لهما اولاد اما عيسى فلم يتزوج وان كان يتزوج حين نزوله فى آخر الزمان ويكون له بنات واما يحيى فقد تزوج ولكن لم يقرب لكونه عزيمة فى شريعته وبعضهم لم يكن له اولاد وان حصل له قربان النساء واصل العقم اليبس المانع من قبول الاثر والعقيم من النساء التى لا تقبل ماء الفحل وفى القاموس العقم بالضم هرمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد ورجل عقيم لا يولد له فالعقم كما يقع صفة للمرأة يقع صفة للرجل بان يكون فى مائه ما يمنع العلوق من الاعذار وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين وهو أى المشترك بينهما مفهوم الصنف الوحد فالثالث جامع بين الصنفين فلو ذكر ايضا بالواو لربما توهم من اول الامر انه قسيم لكل من القسمين لا للمشترك بينهما لانه حال عما فى الرابع من الافصاح يعنى انه لا حاجة اليه فى الرابع لافصاحه بانه قسيم المشترك بين الاقسام المتقدمة وهو هبة الولد ولا يشتبه على احد ان العقم يقابلها فلا حاجة الى التنبيه على ذلك { انه } تعالى { عليم } بليغ العلم بكل شى مما كان وما يكون { قدير } بليغ القدرة على كل مقدور فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة (وقال الكاشفى) داناست بانجه مىدهد تواناست بانجه ميسازد دانايى اوازجهل مقدس ومبراست وتوانايى او از عجز منزه ومعرا علم او برطرف از شائبة جهل فتور وقدرتش باك از آلايش نقصان وقصور.
وعلم ان الانسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكر او انثى او ذكر وانثى وقد وقد استوفى فى الآية جميع الاقسام فالمعنى ان الله تعالى يجعل احوال العباد فى حق الاولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض اما صنفا واحدا من ذكر او انثى واما صنفين ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولد قط فالاولاد ذكورا واناثا من مواهب الله تعالى وعطاياه ولذا سن لمن يبشر بالمولود انه يستبشر به ويراه نعمة انعم الله بها عليه ففى الحديث
"ريح الولد من ريح الجنة" وقال عليه السلام "الولد فى الدنيا نور وفى الآخرة سرور" وقد ورد سوداء ولود خير من حسناء عقيم وذلك لان التناسل انما هو بالولود ويعرف كونها ولودا بالصحة والشباب ولا ينفى الولد الذى يولد على فراشه فان الله تعالى يفضحه يوم القيامة ويكتب عليه من الذنب بعدد النجوم والرمال والاوراق وقيل معنى الاية يهب لمن يشاء اناثا اى الدنيا ويهب لمن يشاء الذكور اى الآخرة او يزوجهم ذكرانا واناثا اى الدنيا والاخرة ويجعل من يشاء عقيما اى لا دنيا ولا عقبى كذا فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى انوثة الدنيا وذكورة الآخرة قال امير خسرو دهلوى بهران مردار جندب كاه زارى كاه زور جون غيلواجى كه شش مه ماده وشش مه تراست.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الولاية من المشايخ المستكملين يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الاتقياء الصلحاء وهم بمثابة الاناث لا تصرف لهم فى غيرهم بالتزويج والتسليك ويهب لبعضهم من المريدين الصديقين المحبين الواصلين الكاملين المستكملين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم فى الطالبين ويهب لبعضهم من الجنسين المذكورين المتصرفين فى الغير وغير المتصرفين ويجعل بعض المشايخ عقيما لامر يدله انه عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع اليهم لحكمة اخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الامم فماذا يصنع الكاملعون المكملون اذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ) كوهر باك ببايدكه شود قابل فيض ورنه هرسنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود