التفاسير

< >
عرض

وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ
٣٥
-الزخرف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وزخرفا } هو فى الاصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى { { حتى اذا اخذت الارض زخرفها } قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى { { او يكون لك بيت من زخرف } اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن.
وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئيق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئيق والمعنى وزينة عظيمة من كل شئ عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث
"يقول الله تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا" وانما اراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن الله تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع { وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا } ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شئ يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرئ بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا { والآخرة } بما فيها من فنون النعم التى يقصر عنها البيان { عند ربك } يعنى در حكم او { للمتقين } اى عن الكفر والمعاصى. هركس كه رخ از متاع فانى بر نافت. واندر طلب دولت باقى بشتافت. آنجا كه كمال همتش بود رسيد. وآنجيزكه مقصود دلس بود بيافت.
فان قيل قد بين الله تعالى انه لو فتح على الكافر ابواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الاسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الاسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الامر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الاسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى الله فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب اخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه.
قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار الله تعالى لنبيه الفقر واختياره اياه لنفسه اى مع قوله
"لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر" فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار الله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثانى ما قيل ان الله اختار الفقر له نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم "لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء" انتهى ومعنى هوان الدنيا على الله انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الانبياء والاولياء والابدال وابغضها وابغض اهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها (قال الصائب) ار رباط تن جوبكذشتى دكر معموره نيست. زادر هى برنمى دارى ازين منزل جرا.
تداركنا الله واياكم بفضله