التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
٤
-الزخرف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانه } اى ذلك الكتاب { فى ام الكتاب } اى فى اللوح المحفوظ فانه اصل الكتاب اى جنس الكتب السماوية فان جميعها مثبتة فيه على ما هى عليه عند الانبياء ومأخوذة مستنسخه منه قال الراغب قوله فى ام الكتاب اى فى اللوح المحفوظ وذلك لكون كل منسوبا اليه ومتولدا فيه والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيها { لدينا } اى عندنا { لعلى } رفيع القدر بين الكتب شريف { حكيم } ذو حكمة بالغة او محكم لا يتطرق اليه نسخ بكتاب آخر ولا تبديل وهما اى على وحكيم خبر ان لان وما بينهما بيان لمحل الحكم كانه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا فى ام الكتاب الذى هو اشرف مكان واعزه لدينا والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب وهذا كما قال فى الجلالين يريد انه يثبت عند الله فى اللوح المحفوظ بهذه الصفة.
واعلم ان اللوح المحفوظ خلقه الله تعالى من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمرآء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والارض ينظر الله تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق بكل نظرة ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وفى الخبر
"ان احرف القرءآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معانى لا يحيط بها الا الله تعالى" ولذا لم يقم لفظ مقام لفظه ولا حرف مقام حرفه فهو معجز من حيث اللفظ والمعنى ولما كان القلب الانسانى هو اللوح الحقيقى المعنوى نزل على قلبه عليه السلام القرءآن واستقر فيه الى الابد دنيا وآخرة وكذا نزل من حيث المعنى على قلوب ورثته عليه السلام كما اخبر عنه ابو يزيد قدس سره وكما ان الله تعالى ينظر كل يوم فى اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستين نظرة كذلك ينظر فى لوح القلب ذلك العدد فيمحو ما يشاء ويثبت والمراد باليوم هو اليوم الآتى المنبسط عند الله الى الف سنة واشير اليها بعدد ايام السنة فافهم جدا فان كان القلب لوح الله تعالى فينبغى للعبد ان يمحو عنه آثار الغير ويزينه بما يليق به فانه لمنظر الالهى قال بعض الكبار اذا كان ميل المرء الى الشهوة والصورة والخلق يشتغل بتزيين ظاهره باللباس المعتبر عند الناس واذا كان ميله الى المحبة والحقيقة والحق يشتغل بتزيين باطنه بما يعتبر عند الله ولا يلتفت الى ظاهره بل يكتفى بما يحفظه من الحر والبرد اى شىء كان وقال بعض الكبار تتبع كتاب الله فى الليل والنهار يوصلك الى مقام لاحرار لان كل ما يؤدى الى ذكر الله تعالى فهو علاج القلوب المريضة لان اعظم الامراض القلبية هو نسيان الله تعالى كما قال { { نسوا الله فنسيهم } ولا شك انه علاج امر بضده وهو ذكر الله كما قال { { فاذكرونى اذكركم
} دات آبينه خداى نماست. روى آيينه توتيره جراست. صيقلى دارى صيقلى ميزن. تاكه آيينه ات شود روشن. صيقل آن اكرنه. آكاه نيست جزلا اله الا الله