التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٩
-الجاثية

روح البيان في تفسير القرآن

{ هذا كتابنا } الخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل امة مكتوبا بأمر الله اضيف الى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لامره والا فالظاهر ان يضاف الى الامة بان يقال كتابها كما فيما قبلها { ينطق عليكم } اى يشهد عليكم { بالحق } اى من غير زيادة ولا نقص والجملة خبر آخر لهذا وبالحق حال من فاعل ينطق { انا كنا نستنسخ } الخ تعليل لنطقه عليهم باعمالهم من غير اخلال بشئ منها اى كنا فيما قبل نستكتب الملائكة { ما كنتم تعملون } فى الدنيا من الاعمال حسنة كانت او سيئة صغيرة او كبيرة اى نأمر الملائكة بكتب اعمالكم واثباتها عليكم لان السين للطلب والنسخ فى الاصل هو النقل من اصل كما ينسخ كتاب من كتاب لكن قد يستعمل للكتبة ابتدآء وقال بعضهم ما من صباح ولا مساء الا وينزل فيه ملك من عند اسرافيل الى كاتب اعمال كل انسان ينسخ عمله الذى يعمله فى يومه وليلته وما هو لاق فيها كما قال عليه السلام "اول ما خلق الله القلم وكتب ما يكون فى الدنيا من عمل معمول بر أو فجور واحصاه فى الذكر" واقرأوا انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل يكون النسخ الا من شئ قد فرغ منه قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام فى شهر رمضان ما يكون فى الارض من حدث الى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة الله على عباده كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما فى كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان فاذا افنى الورق مما قدر وانقطع الامر وانقضى الاجل اتت الحفظة الخزنة فيطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا فترجع الحفظة فيجدونه قد مات ثم قال ابن عباس رضى الله عنهما ألستم قوما عربا هل يكون الاستنساخ الا من اصل وهو اللوح المحفوظ من التغير والتبدل والزيادة والنقصان على ما عليه كان مما كتبه القلم الاعلى وفيه دليل على ان الحفظة يعلمون ما يقع فى ذلك اليوم من العبد ويفعله قبل ان يفعله فان قلت اذا علمت الحفظة اعمال العبد من اللوح المحفوظ فما فائدة ملازمتهم العبيد وكتابتهم اعمالهم قلت الزام الحجة لا يحصل الا بشهودهم فعل العبد فى وقته المخصوص وكتابتهم على ما وقع.
قال بعضهم ان الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد يقابلونه بما فى ام الكتاب فما فيه ثواب وعقاب اثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محى وذلك قوله تعالى
{ { يمحو الله ما يشاء ويثبت } فعلى العبد أن يتدارك الحال قبل حلول الآجال فانه سوف ينفد العمر وينقلب الامر (قال الشيخ سعدى) دريغست فرموده ديوزشت كه دست ملك برتوخواهد نوشث روا دارى از جهل ونابا كيت كه با كان نويسند نابا كيت طريقى بدست آر وصلحى بجوى شفيعى برانكيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نه بنددامان جوبيمانه برشد بدور زمان.
جعلنا الله واياكم من المسارعين الى اسباب رضاه والمسابقين الى قبول امره وهداه