التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٣١
-الجاثية

روح البيان في تفسير القرآن

{ واما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم } اى فيقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع الم تكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتى تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه { فاستكبرتم } عن الايمان بها { وكنتم قوما مجرمين } اى قوما عادتهم الاجرام قال الشيخ السمرقندى فى بحر العلوم فان قلت أهذه الآية تشمل الذين فى اقاص الروم والترك والهند من الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يتل عليهم شئ من آيات الله وهم اكثر عددا من رمال الدهناء وما قولك فيهم قلت لا بل الظاهر عندى بحكم الآية ان هؤلاء معذورون مغفورون شملتهم رحمة الله الواسعة بل اقول تشمل كل من مات فى الفترة وكل أحمق وهرم وكل أصم ابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اربعة كلهم نزل على الله بحجة وعذر رجل مات فى الفترة ورجل ادرك الاسلام هرما ورجل اصم ابكم معتوه ورجل احمق" فاستوسع ايها السائل رحمة الله فان صاحب الشرع هو لذى استوسع رحمة الله تعالى قبلنا ولم يضيق على عباده ولا تشغل بالتكفير والتضليل لسانك وقلبك كطائفة بضاعتهم مجرد الفقه يخوضون فى تكفير الناس وتضليلهم وطائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا وقد كذبوا وفى غمرتهم عمهوا ان من لم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا المحررة فى كتبنا فهو كافر فاولئك عليهم العويل والنياحة ايام حياتهم ومماتهم حيث ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده وجعلوا الجنة حصرا ووقفا على طائفة الفقهاء وشرذمة المتكلمين وكفروا وضللو الذين هم برآء من الكفر والضلالة وقد ذهلوا او جهلوا بقول النبى عليه السلام "امتى كلها فى الجنة الا الزنادقة" وقد روى ايضا الهالك منها واحدة ويقول عبد الله بن مسعود وابو هريرة وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم ليأتين على جهنم زمان ليس فيها احد بعدما يلبثون فيها احقابا وبما قال انس رضى الله عنه قال النبى عليه السلام "اذا كان يوم القيامة يغفر الله لاهل الاهوآء اهوآءهم وحوسب الناس باعمالهم الا الزنادقة" انتهى كلام السمرقندى فى تفسيره والزنديق هو من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شئ من الاشياء ويعتقد أن الاموال والحرم مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذى ترجح عدم قبول توبته كما فى فتاوى قارئ الهداية وفى الاصول من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف بمجرد العقل فاذا لم يعتقد ايمانا ولا كفرا كان معذورا اذا لم يصادف مدة يتمكن فيها من التأمل والاستدلال بان بلغ فى شاهق الجبل ومات فى ساعته واذا اعانه الله بالتجربة وامهله لدرك العواقب لم يكن معذورا وان لم تبلغه الدعوة لان الامهال وادراك مدة التأمل بمنزلة دعوة الرسل فى حق تنبيه القلب من نوم الغفلة فاذا قصر فى النظر لم يكن معذورا وليس على حد الامهال دليل يعتمد عليه وما قيل انه مقدر بثلاثة ايام اعتبارا بالمرتد فانه يمهل ثلاثة ايام ليس بقوى لان هذه التجربة تختلف باختلاف الاشخاص لان العقول متفاوتة فرب عاقل يهتدى فى زمان قليل الى ما لا يهتدى اليه غيره فى زمان طويل فيفوض تقديره الى الله اذ هو العالم بمقدارها فى حق كل شخص فيعفو عنه قبل ادراكها او يعاقبه بعد استيفائها وعند الاشعرية ان غفل عن الاعتقاد حتى هلك او اعتقد الشرك فلم تبلغه الدعوة كان معذورا لان المعتبر عندهم هو السمع دون العقل ومن قتل من لم تبلغه الدعوة ضمنه لان كفرهم معفو عندهم فصاروا كالمسلمين فى الضمان وعندنا لم يضمن وان كان قتله حراما قبل الدعوة ضمنه لان غفلتهم عن الايمان بعد ادراك مدة التأمل لا يكون عفوا وكان قتلهم مثل قتل نساء اهل الحرب فلا يضمن ثم الجهل فى دار الحرب من مسلم لم يهاجر الينا يكون عذرا حتى لو لم يصل ولم يصم مدة ولم تبلغ اليه الدعوة لا يجب عليه قضاؤهما لان دار الحرب ليس بمحل لشهرة أحكام الاسلام بخلاف الذمى اذا أسلم فى دار الاسلام يجب عليه قضاء الصلاة وان لم يعلم بوجوبها لانه متمكن من السؤال عن احكام الاسلام وترك السؤال تقصير منه فلا يكون عذرا.
يقول الفقير والذى تحرر من هذه التقريرات ان من لم تبلغه الدعوة فهو على وجهين اما ان يمهل له قدر ما يتأمل فى الشواهد ويعرف بالتوحيد اولا فالثانى معذور دون الاول وتكفى المعرفة المجردة وان لم يكن هناك ايمان شرعى ولذا ورد فى الخبر من مات وهو يعرف ولم يقل وهو يؤمن فدل على ان من عرف الله تعالى معرفة خالصة ليس فيها شرك نجا من من النار ومعنى الايمان الشرعى هو المتابعة لنبى من الانبياء عليهم السلام وقس على هذا احوال اهل الفترة فانهم ان لم يخلوا بالتوحيد وبالاصول كانو معذورين فقول من قال ليأتين على جهنم زمان الخ حق فان الطبقة العالية من جهنم التى هى مقر عصاة المؤمنين تبقى خالية بعد مرور الاحقاب يعنى من كان فى قلبه مثقال حبة من الايمان اى معرفة الله تعالى سواء سمى ذلك ايمانا شرعيا ام لا يخرج من النار فاذا لم يكفر اهل المعرفة المجردة فكيف اهل القبلة من المؤمنين بالايمان الشرعى ما لم يدل دليل ظاهر او خفى على كفره (قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب) هركه شد زاهل قبله برتوبديد كه به آورده نبى كرويد كرجه صد بدعت وخطا وخلل بينى اورا زروى علم عمل مكن اورا زسرزنش تكفير مشمارش زاهل نار سعير ورببنى كسى اهل اصلاح كه رود راه دين صباح وراح بيفين زاهل جنتش مشمار ايمن از روز آخرش مكذار مكر آنكس كه از رسول خدا شد مبشر بجنة المأوى قال الشيخ علاء الدولة فى كتاب العروة جميع الفرق الاسلامية اهل النجاة والمراد من الناجية فى حديث
"ستفترق أمتى" الخ الناجية بلا شفاعة