التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ
٣٠
-الأحقاف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قالوا } اى عند رجوعهم الى قومهم { يا قومنا انا سمعنا كتابا } فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزآئه اذ لم يكن القرءآن كله منزلا حينئذ { انزل من بعد } كتاب { موسى } قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن نوفل هذا الناموس الذى نزل الله على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون اليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد اذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الارض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى.
يقول الفقير قد صح ان التوراة اول كتاب اشتمل على الاحكام والشرآئع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرءآن مشتملا على الاحكام او الشرآئع ايضا صارت الكتب الآلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرءآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما { مصدقا لما بين يديه } اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الآلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الاخلاق ونحو ذلك { يهدى الى الحق } من العقائد الصحيحة { والى طريق مستقيم } موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرآئع والاعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر