التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٣٣
-الأحقاف

روح البيان في تفسير القرآن

{ اولم يروا } الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام والرؤية القلبية اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما جازما فى حكم المشاهدة والعيان { ان الله الذى خلق السموات والارض } ابتدآء من غير مثال { ولم يعى بخلقهن } اى لم يتعب ولم ينصب بذلك اصلا او لم يعجز عنه يقال عييت بالامر اذا لم تعرف وجهه واعييت تعبت وفى القاموس اعيى الماشى كل وفى تاج المصادر العى بكسر العين اندرماندن والماضى عيى وعى والنعت عيى على فعل بالفتح والاعياء درماندن ومانده شدن ودررفتن ومانده كردن واعيى عليه الامر انتهى وحكى فى سبب تعلم الكسائى النحو على كبره انه مشى يوما حتى اعيى ثم جلس الى قوم ليستريح فقال قد عييت بالتشديد بغير همزة فقالوا له لا تجالسنا وانت تلحن قال الكسائى وكيف قالوا ان اردت من التعب فقل اعييت وان اردت من انقطاع الحيلة والتعجيز فى الامر فقل عييت مخففا فقام من فوره وسأل عمن يعلم النحو فأرشدوه الى معاذ فلزمه حتى نفد ما عنده ثم خرج الى البصرة الى الخليل ابن احمد.
يقول الفقير الظاهر ان المراد بالعى هنا اللغوب الواقع فى قوله
{ { ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما فى ستة ايام وما مسنا من لغوب } والقرءآن يفسر بعضه بعضا فالاعياء مرفوع محال لانه لو كان لاقتضى ضعفا واقتضى فسادا { بقادر } خبر أن ووجه دخول الباء اشتمال النفى الوارد فى صدر الآية على ان وما فى حيزها كأنه قيل او ليس الله بقادر { على ان يحيى الموتى } ولذا اجيب عنه بقوله { بلى انه على كل شئ قدير } تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود يعنى ان الله تعالى اذا كان قادرا على كل شئ كان قادرا على احياء الموتى لانه من جملة الاشياء وقدرته تعالى لا تختص بمقدور دون مقدور فبلى يختض بالنفى ويفيد ابطاله على ما هو المشهور وان حكى الرضى عن بعضهم انه جازا استعمالها فى الايجاب