التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٩
-الأحقاف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل ما كنت بدعا من الرسل } البدع بالكسر بمعنى البديع وهو من الاشياء ما لم ير مثله كانوا يقترحون عليه صلى الله عليه وسلم آيات عجيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فامر عليه السلام بان يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل اى لست باول مرسل ارسل الى البشر فانه تعالى قد بعث قبلى كثيرا من الرسل وكلهم قد اتفقوا على دعوة عباد الله الى توحيده وطاعته ولست داعيا الى غير ما يدعون اليه بل ادعو الى الله بالاخلاص فى التوحيد والصدق فى العبودية وبعثت لاتمم مكارم الاخلاق ولست قادرا على ما لم يقدروا عليه حتى آتيكم بكل ما تقترحونه واخبركم بكل ما تسألون عنه من الغيوب فان من قبلى من الرسل ما كانوا يأتون الا بما آتاهم الله من الآيات ولا يخبرون قومهم الا بما اوحى اليهم فكيف تنكرون منى ان دعوتكم الى ما دعا اليه من قبلى من الانبياء وكيف تقترحون على ما لم يؤته الله اياى { وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم } ما الاولى نافية ولا تأكيد لها والثانية استفهامية مرفوعة بالابتداء خبرها يفعل وجوز ان تكون الثانية موصولة منصوبة بأدرى والاستفهامية اقضى لحق مقام التبرى من الدراية والمعنى وما أعلم اى شئ يصيبنا فيما يستقبل من الزمان والى ما يصير أمرى وامركم فى الدنيا فانه قد كان فى الانبياء من يسلم من المحن ومنهم من يمتحن بالهجرة من الوطن ومنهم من يبتلى بأنواع الفتن وكذلك الامم منهم من أهلك بالخسف ومنهم من كان هلاكه بالقذف وكذا بالمسخ وبالريح وبالصيحة وبالغرق وبغير ذلك فنفى عليه السلام علم ما يفعل به وبهم من هذه الوجوه وعلم من هو الغالب المنصور منه ومنهم ثم عرفه الله بوحيه اليه عاقبة امره وأمرهم فأمره بالهجرة ووعده العصمة من الناس وأمره بالجهاد واخبر أنه يظهر دينه على الأديان كلها ويسلط على اعدائه ويستأصلهم وقيل يجوز أن يكون المنفى هى الدراية المفصلة اى وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم فى الدارين على التفصيل اذ لا علم لى بالغيب كان الاجمال معلوما فان جند الله هم الغالبون وان مصير الابرار الى النعيم ومصير الكفار الى الجحيم وقال المولى ابو السعودرحمه الله والاظهر الاوفق لما ذكر من سبب النزول ان ما عبارة عما ليس فى علمه من وظائف النبوة من الحوادث والواقعات الدنيوية دون ما سيقع فى الآخرة فان العلم بذلك من وظائف النبوة وقد ورد به الوحى الناطق بتفاصيل ما يفعل بالجانبين هذا وقد روى عن الكلبى ان النبى عليه السلام رأى فى المنام انه يهاجر الى ارض ذات نخل وشجر فأخبر أصحابه فحسبوا انه وحى اوحى اليه فاستبشروا.
سعديا حب وطن كرجه حديث است صحيح. نتوان مرد بسختىكه من انيجازادم.
ومكثوا بذلك ما شاء الله فلم يروا شيئا مما قال لهم
"فقالوا له عليه السلام وقد ضجروا من اذية المشركين حتى متى نكون على هذا فقال عليه السلامانها رؤيا رايتها كما يرى البشر ولم يأتنى وحى من الله" فنزل قوله وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم اى أؤترك بمكة ام اؤمر بالخروج الى ما رأيتها فى المنام.
يقول الفقير وعلى هذا يلزم ان يكون الخطاب فى بكم للمؤمنين وهو بعيد لما دل عليه ما قبل الآية وما بعدها من انه للكفار وفى الآية اشارة الى فساد أهل القدر والبدع حيث قالوا ايلام البرايا قبيح فى العقل فلا يجوز لانه لو لم يجز ذلك لكان يقول أعظم البرايا أعلم قطعا انى رسول الله معصوم فلا محالة يغفر لى ولكنه قال وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم ليعلم ان الامر امره والحكم حكمه له ان يفعل بعباده ما يريد ولا يسأل عما يفعل وفى عين المعانى وحقيقة الآية البرآءة من علم الغيب (قال المولى الجامى) اى دل تاكى فضولى وبوالعجبى ازمن جه نشان عافيت مى طلبى سركوشته بود خواه ولى خواه نبى. در وادئ ما ادرى ما يفعل بى { ان اتبع الا ما يوحى الى } اى ما أفعل الا اتباع ما يوحى الى على معنى قصر افعاله عليه السلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع الى الافهام وهو جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لم يوح اليه من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذية المشركين والاول هو الاوفق لقوله تعالى { وما انا الا نذير } انذركم عقاب الله حسبما يوحى الى { مبين } بين الانذار لكم بالمعجزات الباهرة ففيه انه عليه السلام ارسل مبلغا وليس اليه من الهداية شئ ولكن الله يهدى من يشاء وان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الانبياء والاولياء عليهم السلام فبواسطة الوحى والالهام وتعليم الله سبحانه ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واخباره عن حال بعض الناس كما قال عليه السلام
"ان اول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة فدخل عبد الله بن سلام فقام اليه ناس من اصحاب رسول الله فأخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا بأوثق عملك الذى ترجو به فقال انى ضعيف وان اوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى" وعن سيد الطائفة الجنيد البغدادى قدس سره قال لى خالى السرى السقطى تكلم على الناس اى عظهم وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك فرأيت النبى عليه السلام فى المنام وكان ليلة الجمعة فقال "تكلم على الناس" فانتبهت وأتيت باب خالى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك اى من جانب الرسول عليه السلام فقعدت من غد للناس فقعد على غلام نصرانى متنكرا اى فى صورة مجهولة وقال ايها الشيخ ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم "اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله" قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت اسلامك فاسلم الغلام فهذا انما وقع بتعريف الله تعالى اى للشبلى والجنيد