التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ
٣
-محمد

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلك } اشارة الى ما مر من اضلال الاعمال وتكفير السيئات واصلاح البال وهو مبتدأ خبره قوله { بان الذين كفروا } اى كائن بسبب ان الكافرين { اتبعوا الباطل } اى الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للاضلال المذكور متضمن لبيان مسببيتهما لكونه اصلا مستتبعا لهما قطعا { وان الذين آمنوا } اى وبسبب ان المؤمنين { اتبعوا الحق } الذى لا محيد عنه كائنا { من ربهم } ففعلوا ما فعلوا من الايمان به وبكتابه ومن الاعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والاصلاح بعد الاشعار بسببية الايمان والعمل الصالح له متضمن لبيان مسببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الاشعار والتصريح فى شئ من الموضعين { كذلك } اى مثل ذلك الضرب البديع { يضرب الله } اى يبين قال الراغب قيل ضرب الدراهم اعتبارا بضربها بالمطرقة ومنه ضرب المثل وهو ذكر شئ اثره يظهر فى غيره { للناس امثالهم } اى احوال الفريقين واوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الامثال وهى اتباع الاولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم وفى الخبر "اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه"
والحق يقال على اوجه الاول يقال لموجد الشئ بحسب ما تقضيه الحكمة ولذا قيل فى الله تعالى هو الحق والثانى يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولذلك قيل فعل الله تعالى كله حق نحو قولنا الموت حق والبعث حق ويدخل فيه جميع الموجودات فانه لا عبث فى فعل الحكيم تعالى وبطلان بعض الاشياء اضافى لا حقيقى حتى الشيطان ونحوه والثالث يقال للاعتقاد فى الشئ المطابق لما عليه ذلك الشئ فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق والرابع يقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وقدر ما يجب فى الوقت الذى يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق.
والباطل نقيض الحق فى هذه المعانى فالايمان حق لانه مما امر الله به والكفر باطل لانه مما نهى الله عنه وقس عليه الاعمال الصالحة والمعاصى.
والايمان عبارة عن قطع الاشراك بالله مطلقا والعمل الصالح ما كان لله تعالى خالصا وكان الكبار يبذلون مقدروهم فيه لان ما كان لرضى الله تعالى مفتاح السعادة فى الدارين قال موسى عليه السلام يا رب فأى عبادك اعجز قال الذى يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال واى عبادك ابخل قال لذى يسأله سائل وهو يقدر على اطعامه ولم يطعمه والذى يبخل بالسلام على اخيه.
كويند باز كشت بخيلان بودبخاك حاشاكه هيج خك بذيرد بخيل را.
يقول الفقير مجرد الانفاق والاطعام لا يعتبر الا اذا كان مقارنا بالخلوص وطلب الرضى الا ترى ان قريشا اطعموا الكفار فى وقعة بدر فعاد انفاقهم خيبة وخسارا لانه كان فى طريق الشيطان لا فى طريق الله تعالى فأحبط اعمالهم وكذا مجرد الامساك لا يعد بخلا الا اذا كان ذلك امساكا عن المستحق الا ترى كيف قال الله تعالى
{ { ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل الله لكم قياما } فحذرهم فى غير محل الاسراف ولا سرف فى الخير ثم ان أعمال المبتدعة باطلة ايضا لانها على زيغ وانحراف عن سننها وان كانوا يحسبون انهم يحسنون صنعا فالكفر والبدعة والمعاصى اقبح الاشياء كما ان الايمان والسنة والطاعة احسن الاشياء.
بشر حافى قدس سره كفت رسول الله را عليه السلام بخواب ديدم مرا كفت اى بشر هيج دانى كه جرا خداى تعالى ترا بركزيد ازميان اقران وبلند كردانيد كفتم نه يا رسول الله كفت بسبب آنكه متابعت سنت من كردى وصالحا نرا حرمت نكاه داشتى وبرادرانر نصيحت كردى واصحاب وأهل بيت مرا دوست داشتى حق تعالى ترابدين سبب بمقام ابرار رسانيد.
ثم ان طريق اتباع الحق انما يتيسر باتباع أهل الحق فانهم ورثة النبى صلى الله عيه وسلم فى التحقق بالحق والارشاد اليه فمن اتبع أهل الحق اهتدى ومن اتبع أهل الباطل ضل فالاول أهل جمال الله تعالى والملك خادمه والثانى أهل جلال الله تعالى والشيطان سادنه فعلى العاقل الرجوع الى الحق وصحبة اهله كما قال تعالى
{ { وكونوا مع الصادقين } نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يخدمون الحق بالحق ويعصمنا من البطالة والبطلان والزيغ المطلق انه هو الحق الباقى واليه التلاقى