التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
٣٠
-محمد

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو نشاء } ارآءتهم وبالفارسية واكر ماخواهيم { لأريناكهم } لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متأخمة للرؤية { فلعرفتهم بسيماهم } بعلامتهم التى نسمهم بها قال فى القاموس السومة بالضم والسمية والسيما والسيميا بكسرهن العلامة وذكر فى السوم وعن انس رضى الله عنه ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شئ من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا فى بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون فيهم الناس فناموا ذات ليلة واصبحوا وعلى وجه كل منهم مكتوب هذا منافق وفى عين المعانى وعلى جبهة كل واحد مكتوب كيئة الوشم هذا منافق واللام لام الجواب كررت فى المعطوف للتأكيد والفاء لترتيب المعرفة على الاراءة { ولتعرفنهم فى لحن القول } اللام جواب قسم محذوف ولحن القول فحواه ومعناه واسلوبه او امالته الى جهة تعريض وتورية يعنى بشناسى توايشازا در كردانيدن سخن از صوب صواب بجهت تعريض وتوريت.
ومنه قيل للمخطئ لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب وفى الحديث
"لعل بعضكم الحن بحجته من بعض" اى اذهب بها فى الجهات.
قال فى المفردات اللحن صرف الكلام عن سننه الجارى عليه اما بازالة الاعراب او التصحيف وهو المذموم وذلك اكثر استعمالا واما بازالته عن التصريح وصرفه بمعناه الى تعريض وفحوى وهو محمود من حيث البلاغة عند اكثر الادباء واليه قصد بقول الشاعر فخير الاحاديث ما كان لحنا واياه قصد بقوله ولتعرفنهم فى لحن القول ومنه قيل للفطنة لما يقتضى فحوى الكلام لحن انتهى وفى المختار اللحن الخطأ فى الاعراب وبابه قطع واللحن بفتح الحاء الفطنة وقد لحن من باب طرب وفى الحديث
"لعل احدكم الحن بحجته" اى افطن بها انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو قولهم ما لنا ان اطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا ان عصينا من العقاب.
قال بعض الكبار الاكابر والسادات يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه لان الله يقول ولتعرفنهم فى لحن القول { والله يعلم اعمالكم } فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وايذان بان حالهم بخلاف حال المنافقين وفى الآية اشارة الى ان من مرض القلوب الحسبان الفاسد والظن الكاذب فظنوا ان الله لا يطلع على خبث عقائدهم ولا يظهره على رسوله وليس الامر كما توهموه بل الله فضحهم وكشف تلبيسهم بالاخبار والتعريف مع ان المؤمن ينظر بنور الفراسة والعارف ينظر بنور التحقيق والنبى عليه السلام ينظر بالله فلا يستتر عليه شئ فالاعمال التى تصدر بخباثة النيات لها شواهد عليها كما سئل سفيان بن عيينةرحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه اذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رآئحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة فاذا هم بسيئة استقر عليها قلبه فاح منه ريح النتن ففى كل شى شواهد الا ترى ان الحارث بن اسد المحاسبىرحمه الله كان اذا قدم له طعام فيه شبهة ضرب عرقه على اصبعه وكأم ابى يزيد اليسطامى رحمهما الله ما دامت حاملا بأبى يزيد لا تمتد يدها الى طعام حرام وآخر ينادى ويقال له تورع وآخر يأخذه الغثيان وآخر يصير الطعام امامه دما وآخر يرى عليه سوادا وآخر يراه خنزيرا الى امثال هذه المعاملات التى خص الله بها اولياءه واصفياءه فعليك بالمراقبة مع الله والورع فى المنطق فانه من الحكمة وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم.
قال مالك بن انس رضى الله عنه من عد كلامه من عمله قل كلامه والتزم اربعة الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وسلامة الصدر وخدمة الفقرآء وكان مع كل احد على نفسه.
قال بعض الكبار أنصت لحديث الجليس ما لم يكن هجرا فان كان هجرا فانصحه فى الله ان علمت منه القبول بالطف النصح والا فاعتذر فى الانفصال فان كان ما جاء به حسنا فحسن الاستماع ولا تقطع عليه حديثه.
سخن را سرست اى خردمندوبن مياور سخن درميان سخن خداوند تدبير وفرهنك وهوش نكويت سخن تانبيند خموش