التفاسير

< >
عرض

فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
٣٥
-محمد

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلا تهنو } من الوهن وهو الضعف والفاء فصيحة اى اذا تبين لكم بما يتلى عليكم ان الله عدوهم يبطل اعمالهم فلا يغفر لهم فلا تهنوا اى لا تضعفوا فان من كان الله عليه لا يفلح { وتدعوا الى السلم } مجزوم بالعطف على تهنوا والسلم بفتح السين وكسرها لغتان بمنى الصلح اى ولا تدعوا الكفار الى الصلح فورا فان ذلك فيه ذلة يعنى طلب صلح مكنيد از ايشان نشانه ضعف وتذلل شما بود { وانتم الاعلون } جمع الاعلى بمنى الاغلب اصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة اى الاغلبون وقال الكلبى آخر الامر لكم وان غلبوكم فى بعض الاوقات وهى جملة حالية مقررة لمعنى النهى مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى { والله معكم } فان كونهم الاغلبين وكونه تعالى معهم اى ناصرهم فى الدارين من اقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الاعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى { ولن يتركم اعمالكم } الوتركم وضائع كردن اى ولن يضيعها من وترت الرجل اذا قتلت له قتيلا من ولد او أخ او حميم فافردته منه من الوتر الذى هو الفرد وفى القاموس وتر الرجل افزعه وادركه بمكروه ووتره ماله نقصه اياه انتهى.
وعبر عن ترك الاثابة فى مقابلة الاعمال بالوتر الذى هو اضاعة شئ معتد به من الانفس والاموال مع ان الاعمال غير موجبة للثواب على قاعدة اهل السنة ابراز لغاية اللطف بتصوير الصواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الاثابة بمنزل اضاعة اعظم الحقوق واتلافها وفى الحديث القدسى
"انما هى اعمالكم ثم اؤديكم اياها" وهى ضمير القصة يعنى ما جزاء اعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم اؤديها اليكم وافية كاملة وعن ابى ذر رضى الله عنه رفعه يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا فاذا كان الله منزها عن الظلم ونقص جزاء الاعمال فليطلب العبد نفسا بل لا ينبغى له ان يطلب الاجر لان الله تعالى اكرم الاكرمين فيعطيه فوق مطلوبه.
توبندكى جو كدايان بشرط مزدمكن كه دوست خود روش بنده برورى داند (وفى المثنوى) عاشقانرا شادمانى وغم اوست دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق از تماشايى بود عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است كوجون بر فروخت هرجه جز معشوق باقى جمله سوخت.
قال ابو الليثرحمه الله فى تفسيره وفى الآية دليل على ان ايدى المسلمين اذا كانت عالية على المشركين لا ينبغى ان يجيبوهم الى الصلح لان فيه ترك الجهاد وان لم تكن يدهم عالية فلا بأس بالصلح لقوله تعالى
{ { وان جنحوا للسلم فاجنح لها } اى ان مالوا الى الصلح فمل اليه وكذا قال غيره هذا نهى للمسلمين عن طلب صلح الكافرين قالوا وهو دليل على انه عليه السلام لم يدخل مكة صلحا لانه نهى عن الصلح وكذا قال الحدادى فى تفسيره فى سورة النساء لا يجوز مهادنة الكفار وترك احد منهم على الكفر من غير جزية اذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما اذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على انفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها اليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر انتهى والجمهور على ان مكة فتحت عنوة اى قهرا لا صلحا لوقوع القتال بها ولو كان صلحا لما قال عليه السلام "من دخل دار أبى سفيان فهو آمن" الى آخر الحديث