التفاسير

< >
عرض

لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً
١٧
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ ليس على الاعمى } لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الاعمى وهو فاقد البصر { حرج } اثم فى التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا يمتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشئ كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج { ولا على الاعرج حرج } لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كلتيهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما فى الوضوء فكيف بالجهاد والاعرج بالفارسية لنك، من العروج لان الاعرج ذاهب فى صعود بعد هبوط وعرج كفرح اذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها فى خلقتها ذات عرج وعرج كدخل ارتقى واصابه شئ فى رجليه فمشى مشى العارج اى الذاهب فى صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث فى غير الخلقة كما فى القاموس { ولا على المريض حرج } لانه لا قوة به وفى نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئرة الرخصة { ومن } وهركه { يطع الله ورسوله } اى فيما ذكر من الاوامر والنواهى فى السر والعلانية { يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار } قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الانفس واذا اراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وانت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك { ومن يتول } عن الطاعة وبالفارسية وحركه اعراض كند از فرمان خدا ورسول { يعذبه عذابا أليما } لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه دردان منقطع نكر ددوالم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست جه بمخالفت امر خدا از دولت لقامهجور وبنافرمانئ رسول از سعادت شفاعت محروم خواهدماند، مسوز آتش محروميم كه هيج عذاب، زروى سوزو الم جون عذاب حرمان نيست.
وفى الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته فى الطلب ورغبته فى السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على الله وذلك قوله تعالى { ومن يطع الله ورسوله } يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار { ومن يتول } يعنى يعرض عن الله وينقض عهد الطلب { يعذبه عذابا أليما } كما قال اوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازى قدس سره رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة اعظم ذنبا من مرتد الشريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على الله ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم فى الآية اشارة الى الاعمى الحقيقى وهو من لا يرى غير الله لا الآخرة التى اشير اليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التى اشير اليها بالعين اليسرى وهو معذور باستعمال الرخص والدخول فى الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما اذا كان فى مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثر اكله لشدة سطوات نيران الحقائق فى قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس بالله فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الاعرج الحقيقى وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والاطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفى من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقى وهو الذى اسقمه العشق والمحبة وهو معذور اذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسنات فان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق امرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل

تداويت من ليلى بليلى من الهوا كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وقال بعضهم من كان له عذر فى المجاهدة فان الله يحب ان تؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزآئمه فاعرف ذلك