التفاسير

< >
عرض

وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
٦
-الفتح

روح البيان في تفسير القرآن

{ ويعذب المنافقين والمنافقات } من اهل المدينة { والمشركين والمشركات } من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفى تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم احق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بالسنتهم ما ليس فى قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى { يوم ينفع الصادقين صدقهم } اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام "جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم" اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب. برهان ببايد صدق را. ورنه زدعواها جهسود { الظانين بالله ظن السوء } صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة فى سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه فى الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الامر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال { بل ظننتم ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون الى اهليهم ابدا } وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد. وقال فى كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السئ الفاسد المذموم انتهى وعند البصريين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شئ واحد فاضافة احدهما الى الآخر اضافة الشئ الى نفسه وفى التأويلات النجمية { الظانين بالله ظن السوء } فى ذاته وصفاته بالاهواء والبدع وفى افعاله واحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن فى الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما جاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك فى الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصير الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام ارضا وصفحتها بالزمرد الاخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر لتفتنه بها وهو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له فى دار الدنيا فخر ساجدا لله فأثبتها الله له ارضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من اساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفى الحديث "أنا عند ظن عبدى بى" وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام "لا يموتن احد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين" . در روايت آمده است از بعض صحابة رسول عليه السلام كه رسول اورا خبرداده بودكه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى اقلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بو دسائر اصحابرا كفت مردار كفة منجنيق نهيدوبسوى كفار در قلعه اندازيد جون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار بكشايم جون از سبب اين جرأت برسيدند كفت رسول صلى الله عليه وسلم مراخبرداده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا ازروى عرف معلوم است كه جون كسى را در كفة منجنيق نهند وبيندازند حال اوجه باشد. ظاهر وباطن ما آينة يكديكرند. سينة صاف ترازاب روانم دادند { عليهم دائرة السوء } اى ما يظنونه ويتر بصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودآئر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد اكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى { ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء } وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بديعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهندشد. قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله { عليهم دائرة السوء } دعاء عليهم بنحوما ار ادوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى { غلت ايديهم } بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله { قاتلهم الله } ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى احزنه نقيض سره فانه متعد ووزنه فى الماضى فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضعف والضعف خلاان المفتوح غلب فى أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شئ واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة اضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدآئرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الا على التأويل المذكور واما دآئرة السوء بالضم فلأن الذى اصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى { ان اراد بكم سوأ او اراد بكم رحمة } كما فى بعض التفاسير والدآئرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت فى الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدآئرة بالشئ او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها اي الدآئرة فى المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة فى المحبوب الذى يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة فى دآئرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما فى خاتم فضة اى دآئرة من شر لا من خير وقال ابو السعود فى التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر واضيفت اليه الدآئرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت فى الاصل بالمصدر مبالغة ثم اضيفت الى صفتها كقوله تعالى { ما كان ابوك امرأ سوء } وقيل معنى الدآئرة يقتضى معنى السوء لان دآئرة الجهر لا تستعمل الا فى المكروه فانما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه { وغضب الله عليهم } عطف لما استحقوه فى الآخرة على ما استوجبوه فى الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم فى الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق فى الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير فى الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وايلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب { ولعنهم } طردهم من رحمته { واعد لهم جهنم } وآماده كرديم براى ايشان دوزخ راء والواو فى الفعلين الاخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها اذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما فى الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض { وساءت مصيرا } اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويدباز كشتيست دوزخ