التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١
-الحجرات

روح البيان في تفسير القرآن

{ يا ايها الذين آمنوا } تصدير الخطاب بالندآء لتنبيه المخاطبين على ان ما فى حيزه امر خطير يستدعى مزيد اعتنائهم بشأنه وفرط اهتمامهم بتلقيه ومراعاته ووصفهم بالايمان لتنشيطهم والايذان بأنه داع الى المحافظة ورادع عن الاخلال به { لا تقدموا } امرا من الامور { بين يدى الله ورسوله } ولا تقطعوه الا بعد ان يحكما به ويأذنا فيه فتكونوا اما عاملين بالوحى المنزل واما مقتدين بالنبى المرسل ولفظ اليدين بمعنى الجهتين الكائنتين فى سمت يدى الانسان وبين اليدين بمعنى بين الجهتين والجهة التى بينهما هى جهة الامام والقدام فقولك جلست بين يديه بمعنى جلست امامه وبمكان يحاذى يديه قريبا منه واذا قيل بين يدى الله امتنع ان يرادا لجهة والمكان فيكون استعارة تمثيلية شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع فى امر من الامور الدينية قبل ان يحكم به الله ورسوله بحال من يتقدم فى المشى فى الطريق مثلا لو قاحته على من يجب ان يتأخر عنه ويقفو اثره تعظيما له فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن المشبه بها { واتقوا الله } فى كل ما تأتون وما تذررن من الاقوال والافعال { ان الله سميع } لاقوالكم { عليم } بأفعالكم فمن حقه ان يتقى ويراقب ويجوز ان يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على ان الفعل لم يقصد تعلقه بمفعوله وان كان متعديا قال المولى ابو السعود هو اوفى بحق المقام لافادة النهى عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهانى وقد جوز ان يكون التقديم لازما بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لان التقدم بين يدى المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال فى الامر فيكون التقدم بين يدى الله ورسوله منافيا للايمان وقال مجاهد والحسن نزلت الآية فى النهى عن الذبح يوم الاضحى قبل الصلاة كأنه قيل لا تذبحوا قبل ان يذبح النبى عليه السلام وذلك ان ناسا ذبحوا قبل صلاة النبى عليه السلام فأمرهم ان يعيدوا الذبح وهو مذهبنا الا ان تزول الشمس وعند الشافعى يجوز اذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البرآء رضى الله عنه خطبنا النبى عليه السلام يوم النحر فقال "ان اول ما نبدأ به فى يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد اصاب سنتنا ومن ذبح قبل ان نصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك فى شئ " وعن عائشة رضى الله عنها انها نزلت فى النهى عن صوم يوم الشك اى لا تصوموا قبل ان يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتنى وفى بحر العلوم قالت للجارية اسقيه عسلا فقلت انى صائم فقالت قد نهى الله عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت هذه فى الصوم وغيره وقال قتادة ان ناسا كانوا يقولون لو انزل فى كذا او صنع فى كذا ولو نزل كذا وكذا فى معنى كذا ولو فعل الله كذا وينبغى ان يكون كذا فكره الله ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول الله بالمدينة اتته الوفود من الآفاق فاكثروا عليه بالمسائل فهو ان يبتدئوا بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ والظاهر أن الآية عامة فى كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول او فعل مثلا اذا جرت مسألة فى مجلسه عليه السلام لا تسبقوه بالجواب واذا حضر الطعام لا تبدئوا بالاكل قبلة واذا ذهبتم الى موضع لا تمشوا امامه الا لمصلحة دعت اليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقديم قيل لا يجوز تقدم الاصاغر على الاكابر الا فى ثلاثة مواضع اذا ساروا ليلا اورأوا خيلا اى جيشا او دخلوا سيلا اى ماء سائلا وكان فى الزمان الاول اذا مشى الشاب امام الشيخ يخسف الله به الارض ويدخل فى النهى المشى بين يدى العلماء فانهم ورثة الانبياء دليله ما روى عن ابى الدردآء رضى الله عنه قال رآنى رسول الله عليه السلام امشى امام ابى بكر رضى الله عنه فقال "تمشى امام من هو خير منك فى الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على احد بعد النبيين والمرسلين خير او افضل من ابى بكر رضى الله عنه" كما فى كشف الاسرار واكثر هذه الروايات يشعر بأن المراد بين يدى رسول الله وذكر الله لتعظيمه والايذان بجلالة محله عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيدا لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فان ايقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال اعجبنى زيد وكرمه فى موضع أن يقال اعجبنى كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
يقول الفقير لعله من باب الاكتفاء والمقصود ولا تفعلوا خلافهما ايضافان كلا منهما من قبيل التقدم لحدود الله وحدود رسوله وبهذا المعنى فى هذه الآية الهمت بين النوم واليقظة والله اعلم وفى الآية بيان رأفة الله على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصيتهم فقال يا أيها الذين آمنوا ولم يقل يا أيها الذين عصوا وهذا ندآء مدح كما فى تفسير ابى الليث وايضا فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الالهام والوسواس ويقول انه الحق فالزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن ان لا يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأى النبى والشيخ ويكون مستسلما لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الادب فى خدمته وصحبته ومن ادب المريد ان لا يتكلم بين يدى الشيخ فانه سبب سقوطه من اعين الاكابر قال سهل لا تقولوا قبل ان يقول واذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين اليه واتقوا الله فى اهمال حقه وتضييع حرمته ان الله سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم لا تطلبوا ورآء منزلته منزلة فانه لا يوازيه احد بل لا يدانيه، جشم اواز حياكوش اواز حكمت زبان اوازثنا وتسبيح ودل اواز رحمت دست اواز سخاموى اوازمشك بويا.

قيمت عطار ومشك اندر جهان كاسد شود جون برافشاند صبا زلفين عنبر ساى تو